كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

566 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ السَّمَّاكِ، يَقُولُ: النَّاسُ ثَلاَثَةٌ: زَاهِدٌ، وَصَابِرٌ، وَرَاغِبٌ، فَأَمَّا الزَّاهِدُ: فَأَصْبَحَ قَدْ خَرَجَتِ الأَفْرَاحُ وَالأَحْزَانُ مِنْ صَدْرِهِ عَنِ اتِّبَاعِ هَذَا الْغُرُورِ، فَهُوَ لاَ يَفْرَحُ بِشَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا أَتَاهُ، وَلاَ يَحْزَنُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا فَاتَهُ، لاَ يُبَالِي عَلَى عُسْرٍ أَصْبَحَ أَمْ عَلَى يُسْرٍ، فَهَذَا الْمُبَرِّزُ فِي زُهْدِهِ، وَأَمَّا الصَّابِرُ فَرَجُلٌ يَشْتَهِي الدُّنْيَا بِقَلْبِهِ، وَيَتَمَنَّاهَا بِنَفْسِهِ، فَإِذَا ظَفِرَ بِشَيْءٍ مِنْهَا أَلْجَمَ نَفْسَهُ عَنْهَا، كَرَاهَةَ شَتَاتِهَا وَسُوءِ عَاقِبَتِهَا، فَلَوْ تَطَّلِعُ عَلَى مَا فِي نَفْسِهِ عَجِبْتَ مِنْ نَزَاهَتِهِ وَعِفَّتِهِ، أَمَّا الرَّاغِبُ فَلاَ يُبَالِي مِنْ أَيْنَ أَتَتْهُ الدُّنْيَا، وَلاَ يُبَالِي دَنَّسَ فِيهَا عِرَضَهُ، أَوْ وُضِعَ فِيهِ حَسَبَهُ، أَوْ جُرِحَ دِينُهُ، فَهَؤُلاَءِ فِي غَمْرَةْ يَضْطَرِبُونَ، وَهَؤُلاَءِ أَنْتَنُ مِنْ أَنْ يُذْكَرُوا.
567 - أَنْشَدَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ:
وَطَالِبًا حَاجَةَ الدُّنْيَا قَدِ اخْتَلَفَا ... وَطَالَمَا اخْتَلَفَتْ بِالنَّاسِ حَالاَتُهَا
فَطَالِبٌ لِيُرِيحَ النَّفْسَ أَوْبَقَهَا ... وَطَالِبٌ لِيُرِيحَ النَّفْسَ عَنَّاهَا.
568 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ طُفَيْلٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: دُخُولُكَ عَلَى أَهْلِ السَّعَةِ مَسْخَطَةٌ.

الصفحة 584