كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

مَا لَكُمْ لاَ تَحَابُّونُ، وَلاَ تَنَاصَحُونَ، وَأَنْتُمْ إِخْوَانٌ عَلَى دِينٍ، مَا فَرَّقَ بَيْنَ أَهْوَائِكُمْ إِلَّا خُبْثُ سَرَائِرِكُمْ، وَلَوِ اجْتَمَعْتُمْ عَلَى الْبِرِّ لَتَحَابَبْتُمْ، مَا لَكُمْ تَنَاصَحُونَ فِي أَمْرِ الدُّنْيَا، وَلاَ تَنَاصَحُونَ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ، لاَ يَمْلِكُ أَحَدُكُمُ النَّصِيحَةَ لِمَنْ يُحِبُّهُ وَيُعِينُهُ عَلَى أَمْرِ آخِرَتِهِ، مَا هَذَا إِلَّا مِنْ قِلَّةِ الْإِيمَانِ فِي قُلُوبِكُمْ، لَوْ كُنْتُمْ تُوقِنُونَ بِخَيْرِ الْآخِرَةِ وَشَرِّهَا، كَمَا تُوقِنُونَ بِالدُّنْيَا، لَآثَرْتُمْ طَلَبَ الْآخِرَةِ، لِأَنَّهَا أَمْلَكُ لِأُمُورِكُمْ، فَإِنْ قُلْتُمْ: حُبُّ الْعَاجِلَةِ غَالِبٌ، فَإِنَّا نَرَاكُمْ تَدَعُونَ الْعَاجِلَ مِنَ الدُّنْيَا لِلآجِلِ مِنْهَا، تَكُدُّونَ أَنْفُسَكُمْ بِالْمَشَقَّةِ وَالِاحْتِرَاقِ فِي أَمْرٍ لَعَلَّكُمْ لاَ تُدْرِكُونَهُ، فَبِئْسَ الْقَوْمُ أَنْتُمْ، مَا حَقَّقْتُمْ إِيمَانَكُمْ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ الْإِيمَانُ الْبَالِغُ فِيكُمْ،

الصفحة 586