كتاب ذم المسكر لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

68 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ مِنْ طَيِّئٍ قَالَ: كُنَّا بِالْكُوفَةِ نَقُولُ: مَنْ لَمْ يَرْوِ هَذِهِ الأَبْيَاتِ فَهُوَ نَاقِصُ الْمُرُوءَةِ وَمَا كَانَ رَجُلٌ بِالْكُوفَةِ لَهُ شَرَفٌ إِلاَّ وَهُوَ يَرْوِيهَا:
وَصَهْبَاءُ جُرْجَانِيَّةٌ لَمْ يَطُفْ بِهَا ... حَلِيمٌ وَلَمْ تُنْخَرُ بِهَا سَاعَةً قِدْرُ
وَلَمْ يَشْهَدِ الْقِسُّ الْمُهَيْمِنُ نَارَهَا ... طَرُوقًا وَلَمْ يَحْضُرْ عَلَى طَبْخِهَا حَبْرُ
أَتَانِي بِهَا يَحْيَى وَقَدْ نِمْتُ نَوْمَةً ... وَلاَحَتْ لِيَ الشِّعْرَى وَقَدْ طَلَعَ النَّسْرُ
فَقُلْتُ اصْطَبِحْهَا أَوْ لِغَيْرِيَ أَهْدِهَا ... فَمَا أَنَا بَعْدَ الشَّيْبِ وَيْحَكَ وَالْخَمْرُ
تَعَفَّفْتُ عَنْهَا فِي الدُّهُورِ الَّتِي خَلَتْ ... فَكَيْفَ التَّصَابِي بَعْدَمَا خَلا الْعُمْرُ
إِذَا الْمَرْءُ وَافَى الأَرْبَعِينَ وَلَمْ يَكُنْ ... لَهُ دُونَ مَا يَأْتِي حَيَاءٌ وَلاَ سِتْرُ
فَدَعْهُ وَلاَ تَنْفِسْ عَلَيْهِ الَّذِي أَتَى ... وَإِنْ جَرَّ أَسْبَابَ الْحَيَاةِ لَهُ الدَّهْرُ.
69 - وَحَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ الرَّحَّالُ الْفَهْمِيُّ لِعَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ:
دَعَانِيَ عَمْرٌو لِلَّتِي لاَ أُرِيدُهَا ... وَكُنْتُ لِعَمْرٍو عَالِمًا لَوْ دَرَى عَمْرُو
فَقُلْتُ لَهُ يَا عَمْرُو دَعْ ذِكْرَ مَا تَرَى ... فَإِنِّيَ مِمَّنْ لاَ تَحِلُّ لَهُ الْخَمْرُ
أَأَشْرَبُهَا بَعْدَ الثَّمَانِينَ إِنَّنِي ... إِذَنْ غَيْرُ مَحْمُودٍ وَإِنْ عَمَّنِي الْفَقْرُ
فَلَلْفَقْرُ خَيْرٌ عُقْبَةً مِنْ سُلاَفَةٍ ... تُبْقِنِي عَارًا وَإِنْ يَفْسُدِ الْعُمْرُ
يُسَبُّ بِهَا عَقِبِي خِلاَفِي إِذَا دُعُوا ... وَلَيْسَ بِمَاحٍ عَارَهَا عَنِّيَ الْقَبْرُ.

الصفحة 623