كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

139 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنِي أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيُّ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي سَعْدٍ يَقْدَمُ عَلَيْنَا فِي أَوَّلِ مَا اتُّخِذَتْ عَبَّادَانُ, وَكَانَتْ إِذْ ذَاكَ وَبِيئَةً، قَالَ: فَكَانَ يُصَلِّي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ, وَلاَ يَكَادُ أَنْ يَفْتُرَ, فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ احْتَبَى, وَاسْتَقْبَلَ الْبَحْرَ, فَجَعَلَ يَبْكِي, وَيَنُوحُ عَلَى نَفْسِهِ، قَالَ: فَإِذَا أَحَسَّ بِإِنْسَانٍ أَمْسَكَ، قَالَ: فَخَرَجْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ إِلَى السَّاحِلِ, فَإِذَا أَنَا بِصَوْتِهِ, وَإِذَا هُوَ يَبْكِي, وَيَقُولُ فِي بُكَائِهِ:
أَلاَ يَا عَيْنُ وَيْحَكِ أَسْعِدِينِي ... بِطُولِ الدَّمْعِ فِي ظُلَمِ اللَّيَالِي
لَعَلَّكِ فِي الْقِيَامَةِ أَنْ تَفُوزِي ... بِخَيْرِ الدَّهْرِ فِي تِلْكَ الْعَلاَلِي.
قَالَ: فَلَمَّا أَحَسَّ بِجِيئَتِي أَمْسَكَ، قَالَ: فَرَجَعْتُ وَتَرَكْتُهُ.
140 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الأَسَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ النَّضْرِ الْحَارِثِيِّ إِلَى مَكَّةَ, فَمَا كُنَّا نَسْتَيْقِظُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ, إِلاَّ وَهُوَ عَلَى بَعِيرِهِ قَاعِدٌ يَقْرَأُ، قَالَ: فَكُنَّا نَرَى أَنَّهُ لَمْ يَنَمْ, حَتَّى دَخَلَ مَكَّةَ، قَالَ: وَكَانَ إِذَا نَزَلَ, فَإِنَّمَا هُوَ فِي خِدْمَةِ أَصْحَابِهِ، فَيُقَالُ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ, نَحْنُ نَكْفِيكَ، فَيَأْبَى عَلَيْهِمْ, وَيَقُولُ: أَتَنْفِسُونَ عَلَيَّ بِالثَّوَابِ.
141 - حدثني سريج بن يونس وغيره، عن الوليد بن مسلم، حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: كنا نغازي مع عطاء الخراساني, قال: فكان يُحْيِى الليل صلاة، فإذا ذهب من الليل ثلثه, أو نصفه, نادى وهو في فسطاطه: يا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، ويا هشام بن الغاز, ويا فلان, ويا فلان، قوموا فتوضؤوا وصلوا، فَلَقِيَامُ هذا الليل, وصيام هذا النهار, أيسر من مقطعات الحديد، وشراب الصديد، الوحاء الوحاء، ثم يقبل على صلاته.

الصفحة 65