كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

174 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ النَّضْرُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: كَانَ فِي تَيْمِ اللهِ شَيْخٌ مُتَعَبِّدٌ قَدْ لَصَقَ بِهِ فِتْيَةٌ مُتَنَسِّكُونَ، قَالَ: كَانَ الْمَسْجِدُ مَأْوَاهُ, وَكَانُوا يَلْزَمُونَهُ, وَيَأْخُذُونَ بِأَدَبِهِ، قَالَ: فَكَانَ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ نَامَ مِنْ أَوَّلِهِ هَجْعَةً خَفِيفَةً, ثُمَّ يَقُومُ فَيَقُولُ: مَنْ لِقُرَّةِ الْعَيْنِ وَخِطْبَةِ الْكَوَاعِبِ الأَتْرَابِ، قَالَ: فَيَثِبُ أُولَئِكَ النُّسَّاكُ مِنْ مَضَاجِعِهِمْ، كَاللُّيُوثِ تَقُومُ إِلَى أَقْرَانِهَا، قَالَ: فَهُمْ كَذَلِكَ فِي تَهَجُّدٍ وَنَحِيبٍ وَدُعَاءٍ إِلَى الْفَجْرِ، قَالَ: فَلَمْ يَزَالُوا عَلَى ذَلِكَ حَتَّى مَاتُوا عَلَيْهِ, قَالَ أَبُو الْمُغِيرَةِ: وَقَدْ أَدْرَكْتُ أَنَا هَذَا الشَّيْخَ وَرَأَيْتُهُ, كُنْتُ إِذَا رَأَيْتُهُ رَأَيْتُ رَجُلاً طَوِيلاً مِنْ أُولَئِكَ الْعَرَبِ الأُوَلِ شَدِيدَ الأُدْمَةِ, قَدْ غَلَبَ التَّهَيُّجُ وَالاِصْفِرَارُ عَلَيْهِ، وَكُنْتُ إِذَا نَظَرْتُ إِلَيْهِ رَأَيْتُ هَوْلاً وَلَوْنًا حَائِلاً، قَالَ: وَكَانَ شَيْخًا عَظِيمَ الأَرْكَانِ.
175 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ، قَالَ: قَالَ عَطَوَانُ بْنُ عَمْرٍو التَّمِيمِيُّ, وَكَانَ شَيْخًا طَوِيلاً مُؤَذِّنًا هَاهُنَا عَابِدًا, قَالَ قَبِيصَةُ: قَدْ أَدْرَكَتْهُ وَأَنَا صَبِيٌّ, قَالَ: إِنِّي لأَبِيتُ لِيَلِي سَاهِرًا, مُتَفَكِّرًا فِي أَمْرِ النَّاسِ وَغَفْلَتِهِمْ عَمَّا يَرِدُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْقِيَامَةِ وَمِنَ الأَهْوَالِ وَالأَفْزَاعِ, ثُمَّ إِلَى أَيْنَ يَكُونُ مُنْصَرَفُهُمْ مِنْ بَيْنِ يَدَيِ اللهِ، قَالَ: فَأَبِيتُ لَيْلَتِي سَاهِرًا مُفَكِّرًا فِي ذَلِكَ, ثُمَّ أَظَلُّ نَهَارِي مُفَكِّرًا فِي بُكْرَتِي, مَا أَدْرِي مَا يَصْنَعُ اللَّهُ بِي فِيهَا, قَالَ أَبُو عَامِرٍ: وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ كَانَ إِذَا كَانَ اللَّيْلُ جَالَ فِي الْجَبَابِينِ وَالأَحْيَاءِ.

الصفحة 72