كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

- بَابُ مَنْ كَانَ يَغُلُّ نَفْسَهُ بِاللَّيْلِ اسْتِكَانَةً لِرَبِّهِ
193 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ الأَحْمَسِيُّ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسِيِّ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ دَاوُدَ، وَسُلَيْمَانَ عَلَيْهِمَا السَّلاَمُ لَمْ يُؤْتَيَا الْمُلْكَ لِيَتَنَعَّمَا, إِنَّمَا أُوتِيَا الْمُلْكَ لِيَتَعَبَّدَا, فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ فِي زَمَانِهِمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا فِي الْعِبَادَةِ مِنْهُمَا, مَا كَانَ طِيبُهُمَا إِلاَّ الْكَنْدَرَ، وَمَا كَانَ دُهْنُهُمَا إِلاَّ الزَّيْتَ، وَكَانَ سُلَيْمَانُ إِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ غَلَّ نَفْسَهُ, وَلَبِسَ مِدْرَعَةً مِنْ شَعْرٍ, وَطُولَ اللَّيْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَبَاكِيًا وَدَاعِيًا, فَإِذَا أَصْبَحَ تَصَفَّحَ وُجُوهَ الأَشْرَافِ حَتَّى يَجِيءَ إِلَى الْمَسَاكِينِ, فَيَقْعُدَ مَعَهُمْ وَيَقُولُ: يَا رَبِّ مِسْكِينٌ مَعَ مَسَاكِين.
194 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا مَعْنُ بْنُ عِيسَى، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: أَوْصَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِصُنْدُوقٍ مُقْفَلٍ أَنْ يُطْرَحَ فِي الْبَحْرِ, فَقِيلَ لِزَوْجَتِهِ: أَيُّ شَيْءٍ فِيهِ؟ قَالَتْ: جَامِعَةٌ وَأَطْمَارٌ كَانَ يَطْرَحُ نَفْسَهُ فِيهَا بِاللَّيْلِ.
195 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ صَالِحِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ سَفَطٌ فِيهِ دُرَّاعَةٌ مِنْ شَعْرٍ وَغُلٌّ, وَكَانَ لَهُ بَيْتٌ فِي جَوْفِ بَيْتٍ يُصَلِّي فِيهِ, لاَ يَدْخُلُ فِيهِ أَحَدٌ، قَالَ: فَإِذَا كَانَ آخِرَ اللَّيْلِ فَتَحَ ذَلِكَ السَّفَطَ, فَلَبِسَ تِلْكَ الدُّرَّاعَةَ, وَوَضَعَ الْغُلَّ فِي عُنُقِهِ, فَلاَ يَزَالُ يُنَاجِي رَبَّهُ وَيَبْكِي حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ, ثُمَّ يُعِيدُهُ فِي السَّفَطِ.
196 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مِسْعَرٍ، قَالَ: كَانَ لِرِيَاحٍ الْقَيْسِيِّ غُلٌّ مِنْ حَدِيدٍ قَدِ اتَّخَذَهُ, فَكَانَ إِذَا جَنَّهُ اللَّيْلُ وَضَعَهُ فِي عُنُقِهِ, وَجَعَلَ يَبْكِي وَيَتَضَرَّعُ حَتَّى يُصْبِحَ.

الصفحة 76