كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

- بَابُ مَنْ كَانَ يَقُومُ بِقِيَامِهِ عُمَّارُ دَارِهِ
225 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَبَلَةَ الْبَاهِلِيُّ، سَمِعْتُ السَّرِيَّ بْنَ يَحْيَى يَذْكُرُ عَنْ يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ, أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ مُحْرِزٍ الْمَازِنِيَّ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى تَهَجُّدِهِ مِنَ اللَّيْلِ قَامَ مَعَهُ سُكَّانُ دَارِهِ مِنَ الْجِنِّ, فَصَلُّوا بِصَلاَتِهِ, وَاسْتَمَعُوا لِقِرَاءَتِهِ, قَالَ السَّرِيُّ: فَقُلْتُ لِيَزِيدَ: وَأَنَّى عَلِمَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كَانَ إِذَا قَامَ سَمِعَ لَهُمُ ضَجَّةً, فَاسْتَوْحَشَ لِذَلِكَ, فَنُودِيَ: لاَ تُرَعْ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ, فَإِنَّمَا نَحْنُ إِخْوَانُكَ نَقُومُ لِلتَّهَجُّدِ كَمَا تَقُومُ, فَنُصَلِّي بِصَلاَتِكَ، قَالَ: فَكَأَنَّهُ أَنِسَ بَعْدَ ذَلِكَ إِلَى حَرَكَتِهِمْ.
226 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الضَّرِيرُ، حَدَّثَنَا مَهْدِيُّ بْنُ مَيْمُونٍ، قَالَ: كَانَ وَاصِلٌ, مَوْلَى أَبِي عُيَيْنَةَ جَارًا لَنَا, وَكَانَ يَسْكُنُ فِي غَرْفَةٍ, فَكُنْتُ أَسْمَعُ قِرَاءَتَهُ مِنَ اللَّيْلِ, وَكَانَ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ يَسِيرًا، قَالَ: فَغَابَ غِيبَةً إِلَى مَكَّةَ, فَكُنْتُ أَسْمَعُ الْقِرَاءَةَ مِنْ غُرْفَتِهِ عَلَى نَحْوٍ مِنْ صَوْتِهِ, كَأَنِّي لاَ أُنْكِرُ مِنَ الصَّوْتِ شَيْئًا، قَالَ: وَبَابُ الْغُرْفَةِ مُغْلَقٌ، قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ, فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: وَمَا أَنْكَرْتَ مِنْ ذَلِكَ, هَؤُلاَءِ سُكَّانُ الدَّارِ يُصَلُّونَ بِصَلاَتِنَا, وَيَسْتَمِعُونَ لِقِرَاءَتِنَا، قَالَ: قُلْتُ: أَفَتَرَاهُمْ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي أُحِسُّ بِهِمْ, وَأَسْمَعُ تَأْمِينَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ، وَرُبَّمَا غَلَبَ عَلَيَّ النَّوْمُ, فَيُوقِظُونِي.

الصفحة 83