كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

- مَنْ نَامَ عَنْ تَهَجُّدِهِ فَنُبِّهَ لِذَلِكَ مِنْ رَقْدَتِهِ
250 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ رَاشِدٍ, أَبُو بَكْرٍ، حَدَّثَنَا مُضَرٌ الْقَارِئُ، قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْعُبَّادِ قَلَّمَا يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ، قَالَ: فَغَلَبَتْهُ عَيْنَهُ ذَاتَ لَيْلَةٍ, فَنَامَ عَنْ جُزْئِهِ، قَالَ: فَرَأَى فِيمَا يَرَى النَّائِمُ كَأَنَّ جَارِيَةً وَقَفَتْ عَلَيْهِ, كَأَنَّ وَجْهَهَا الْقَمَرُ الْمُسْتَتِمُّ، قَالَ: وَمَعَهَا رَقٌّ فِيهِ كِتَابٌ, فَقَالَتْ: أَتَقْرَأُ أَيُّهَا الشَّيْخُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ: فَاقْرَأْ لِي هَذَا الْكِتَابَ، قَالَ: فَأَخَذْتُهُ مِنْ يَدِهَا, فَفَتَحْتُهُ, فَإِذَا فِيهِ مَكْتُوبٌ:
أَأَلْهَتْكَ لَذَّةُ نَوْمٍ عَنْ خَيْرِ عَيْشٍ ... مَعَ الْخَيْرَاتِ فِي غُرَفِ الْجِنَانِ
تَعِيشُ مُخَلَّدًا لاَ مَوْتَ فِيهَا ... وَتَنْعَمُ فِي الْخِيَامِ مَعَ الْحِسَانِ
تَيَقَّظْ مِنْ مَنَامِكَ إِنَّ خَيْرًا ... مِنَ النَّوْمِ التَّهَجُّدُ بِالْقُرْآنِ
قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا ذَكَرْتُهَا قَطُّ, إِلاَّ ذَهَبَ عَنِّي النَّوْمُ.
251- حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ، حَدَّثَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، وَنَحْنُ فِي مَسْجِدِ بَنِي مُرَّةَ، حَدَّثَنِي زِيَادٌ النُّمَيْرِيُّ، مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ، قَالَ: أَتَانِي آتٍ فِي مَنَامِي, فَقَالَ: قُمْ يَا زِيَادُ إِلَى عَادَتِكَ مِنَ التَّهَجُّدِ, وَحَظِّكَ مِنْ قِيَامِ اللَّيْلِ, فَوَاللَّهِ خَيْرٌ لَكَ مِنْ نَوْمَةِ تُوهِنُ بَدَنَكَ, وَيَنْكَسِرُ لَهَا قَلْبُكَ، قَالَ: فَاسْتَيْقَظْتُ فَزِعًا، قَالَ: ثُمَّ غَلَبَنِي وَاللَّهِ أَيْضًا النَّوْمُ, فَأَتَانِي ذَاكَ أَوْ غَيْرُهُ, فَقَالَ: قُمْ يَا زِيَادُ, فَلاَ خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِلاَّ لِلْعَابِدِينَ، قَالَ: فَوَثَبْتُ فَزِعًا.
252 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ الأَزْرَقُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ صَفْوَانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ أَبِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ, قَامَ فَتَوَضَّأَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى مِحْرَابِهِ, فَلَمْ يَزَلْ قَائِمًا فِيهِ يُصَلِّي, حَتَّى يُصْبِحَ، قَالَ: قَالَ: إِنِّي نِمْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَنْ وَقْتِي الَّذِي كُنْتُ أَقُومُ فِيهِ, فَإِذَا شَابٌّ جَمِيلٌ قَدْ وَقَفَ عَلَيَّ, فَقَالَ: قُمْ يَا سَعِيدُ إِلَى خَيْرِ مَا أَنْتَ قَائِمٌ إِلَيْهِ، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا هُوَ رَحِمَكَ اللَّهُ؟ قَالَ: قُمْ إِلَى تَهَجُّدِكَ, فَإِنَّ فِيهِ رِضَاءَ رَبِّكِ, وَحَظَّ نَفْسِكَ, وَهُوَ شَرَفُ الْمُؤْمِنِينَ عِنْدَ مَلِكِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَحَدَّثْتُ بِهِ أَخِي الْحَسَنَ، فَقَالَ: قَدْ طَافَ بِي هَذَا الشَّابُّ الَّذِي طَافَ بِكَ قَدِيمًا, فَمَا ذَكَرْتُهُ لأَحَدٍ حَتَّى الآنَ, وَلَوْلاَ أَنَّكَ ذَكَرْتَهُ مَا أَخْبَرْتُكَ بِهِ.

الصفحة 90