كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

253 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عِيسَى بْنِ ضِرَارٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنِي دَارِمٌ الْحَنَفِيُّ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي شَدَّادٍ، أَنَّ رَجُلاً كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ, فَيُحْيِيهِ صَلاَةً, فَفَتَرَ عَنْ ذَلِكَ، قَالَ: فَأَتَاهُ آتٍ فِي مَنَامِهِ، فَقَالَ: قَدْ كُنْتَ يَا فُلاَنُ تُدِيمُ الْخُطْبَةِ, فَمَا الَّذِي قَصَّرَ بِكَ عَنْ ذَلِكَ؟ قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: كُنْتَ تَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ, أَوَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الْمُتَهَجِّدَ إِذَا قَامَ إِلَى تَهَجُّدِهِ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ: قَدْ قَامَ الْخَاطِبُ إِلَى خُطْبَتِهِ.
254 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي أَزْهَرُ بْنُ مُغِيثِ بْنِ ثَابِتٍ التَّغْلِبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، وَكَانَ مِنَ الْقَوَّامِينَ لِلَّهِ فِي سَوَادِ هَذَا اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ، قَالَ: رَأَيْتُ فِيَ مَنَامِي امْرَأَةً لاَ تُشْبِهُ نِسَاءَ أَهْلِ الدُّنْيَا, فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: حَوْرَاءُ أَمَةُ اللهِ، قَالَ: قُلْتُ: زَوِّجِينِي نَفْسَكِ, قَالَتِ: اخْطُبْنِي إِلَى سَيِّدِي وَامْهُرْنِي، قَالَ: قُلْتُ: وَمَا مَهْرُكِ؟ قَالَتْ: طُولُ التَّهَجُّدِ.
255 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا حَبَّانُ الأَسْوَدُ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ زَيْدٍ، قَالَ: أَصَابَتْنِي عِلَّةٌ فِي سَاقِي, فَكُنْتُ أَتَحَامَلُ عَلَيْهَا لِلصَّلاَةِ، قَالَ: فَقُمْتُ عَلَيْهَا مِنَ اللَّيْلِ, فَأُجْهِدْتُ وَجَعًا, فَجَلَسْتُ, ثُمَّ لَفَفْتُ إِزَارِي فِي مِحْرَابِي, وَوضَعْتُ رَأْسِي عَلَيْهِ, فَنِمْتُ, فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكَ, إِذَا أَنَا بِجَارِيَةٍ تَفُوقُ الدُّمَى حُسْنًا, تَخْطِرُ بَيْنَ جَوَارٍ مُزَيَّنَاتٍ, حَتَّى وَقَفَتْ عَلَيَّ وَهُنَّ خَلْفَهَا, فَقَالَتْ لِبَعْضِهِنَّ: ارْفَعْنَهُ, وَلاَ تُهِجْنَهُ، قَالَ: فَأَقْبَلْنَ نَحْوِي, فَاحْتَمَلْنَنِي عَنِ الأَرْضِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ فِي مَنَامِي, ثُمَّ قَالَتْ لِغَيْرِهِنَّ مِنَ الْجَوَارِي الَّذِينَ مَعَهَا: افْرِشْنَهُ وَمَهِّدْنَهُ, وَوَطِّئْنَ لَهُ, وَوَسِّدْنَهُ، قَالَ: فَفَرَشْنَ تَحْتِي سَبْعَ حَشَايَا, لَمْ أَرَ لَهُنَّ فِي الدُّنْيَا مَثَلاً، وَوَضَعْنَ تَحْتَ رَأْسِي مَرَافِقَ حُصْرًا حِسَانًا، ثُمَّ قَالَتْ لِلَّذِينَ حَمَلْنَنِي: اجْعَلْنَهُ عَلَى الْفُرُشِ رُوَيْدًا لاَ تُهِجْنَهُ، قَالَ: فَجُعِلْتُ عَلَى تِلْكَ الْفُرُشِ وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَيْهَا, وَمَا تَأْمُرُ بِهِ مِنْ شَأْنِي، ثُمَّ قَالَتِ: احْفُفْنَهُ بِالرَّيْحَانِ، قَالَ: فَأُتِيَ بِيَاسَمِينَ, فَحُفَّتْ بِهِ الْفُرُشُ، ثُمَّ قَامَتْ إِلَيَّ, فَوَضَعَتْ يَدَهَا عَلَى مَوْضِعِ عِلَّتِي الَّتِي كُنْتُ أَجِدُ فِي سَاقِي, فَمَسَحَتْ ذَلِكَ الْمَكَانَ بِيَدِهَا, ثُمَّ قَالَتْ: قُمْ شَفَاكَ اللَّهُ إِلَى صَلاَتِكَ غَيْرَ مَضْرُورٍ، قَالَ: فَاسْتَيْقَظْتُ وَاللَّهِ, وَكَأَنِّي قَدْ أُنْشِطْتُ مِنْ عِقَالٍ, فَمَا اشْتَكَيْتُ تِلْكَ الْعِلَّةَ بَعْدَ لَيْلَتِي تِلْكَ, وَلاَ ذَهَبَ حَلاَوَةُ مَنْطِقِهَا مِنْ قَلْبِي: قُمْ شَفَاكَ اللَّهُ إِلَى صَلاَتِكَ غَيْرَ مَضْرُورٍ.

الصفحة 91