كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
276 - حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمُتَعَالِ بْنُ طَالِبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ أَفْلَحَ الْخَوْلاَنِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شُرَيْحٍ، قَالَ: مَنْ قَامَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ لاَ يُرِيدُ بِهِ إِلاَّ اللَّهَ, ثُمَّ عَرَضَ لَهُ مَنْ يُرِيدُ أَنْ يُرَائِيَهُ بِذَلِكَ, أَعْطَاهُ اللَّهُ بِالأَصْلِ, وَوَضَعَ عَنْهُ الْفَرْعَ، وَمَنْ قَامَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ الْخَيْرِ لاَ يُرِيدُ بِهِ إِلاَّ الْمُرَاءَاةَ ثُمَّ فَكَّرَ أَوْ بَدَا لَهُ, فَجَعَلَ آخِرَ ذَلِكَ لِلَّهِ, أَعْطَاهُ اللَّهُ الْفَرْعَ, وَوَضَعَ عَنْهُ الأَصْلَ.
- بَابُ صِفَةِ الْمُتَهَجِّدِينَ وَنَعْتِهِمْ
277 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَمَّارُ بْنُ عَمْرٍو الْبَجَلِيُّ، سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ ذَرٍّ يَقُولُ: لَمَّا رَأَى الْعَابِدُونَ اللَّيْلَ قَدْ هَجَمَ عَلَيْهِمْ, وَنَظَرُوا إِلَى أَهْلِ السَّآمَةِ وَالْغَفْلَةِ قَدْ سَكَنُوا إِلَى فُرُشِهِمْ, وَرَجَعُوا إِلَى مَلاَذِّهِمْ مِنَ الضِّجْعَةِ وَالنَّوْمِ, قَامُوا إِلَى اللهِ فَرِحِينَ مُسْتَبْشِرِينَ بِمَا قَدْ وَهَبَ لَهُمْ مِنْ حُسْنِ عِبَادَةِ السَّهَرِ, وَطُولِ التَّهَجُّدِ، فَاسْتَقْبَلُوا اللَّيْلَ بِأَبْدَانِهِمْ, وَبَاشَرُوا ظُلْمَتَهُ بِصِفَاحِ وُجُوهِهِمْ، فَانْقَضَى عَنْهُمُ اللَّيْلُ, وَمَا انْقَضَتْ لَذَّتُهُمْ مِنَ التِّلاَوَةِ, وَلاَ مَلَّتْ أَبْدَانُهُمْ مِنْ طُولِ الْعِبَادَةِ, فَأَصْبَحَ الْفَرِيقَانِ وَقَدْ وَلَّى عَنْهُمُ اللَّيْلُ بِرِبْحٍ وَغَبْنٍ، أَصْبَحَ هَؤُلاَءِ قَدْ مَلُّوا النَّوْمَ وَالرَّاحَةَ, وَأَصْبَحَ هَؤُلاَءِ مُتَطَلِّعِينَ إِلَى مَجِيءِ اللَّيْلِ لِلْعِبَادَةِ, شَتَّانَ مَا بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ, فَاعْمَلُوا لأَنْفُسِكُمْ رَحِمَكُمُ اللَّهُ فِي هَذَا اللَّيْلِ وَسَوَادِهِ, فَإِنَّ الْمَغْبُونَ مَنْ غُبِنَ خَيْرَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْمَحْرُومَ مَنْ حُرِمَ خَيْرَهُمَا, إِنَّمَا جُعِلاَ سَبِيلاً لِلْمُؤْمِنِينَ إِلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ, وَوَبَالاً عَلَى الآخَرِينَ لِلْغَفْلَةِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ, فَأَحْيَا اللَّهَ أَنْفُسَهُمْ بِذِكْرِهِ, فَإِنَّمَا تَحْيَى الْقُلُوبُ بِذِكْرِ اللهِ, كَمْ مِنْ قَائِمٍ لِلَّهِ فِي هَذَا اللَّيْلِ قَدِ اغْتَبَطَ بِقِيَامِهِ فِي ظُلْمَةِ حُفْرَتِهِ, وَكَمْ مِنْ نَائِمٍ فِي هَذَا اللَّيْلِ قَدْ نَدِمَ عَلَى طُولِ نَوْمِهِ عِنْدَمَا يَرَى مِنْ كَرَامَةِ اللهِ لِلْعَابِدِينَ غَدًا, فَاغْتَنِمُوا مَمَرَّ السَّاعَاتِ وَاللَّيَالِي وَالأَيَّامِ رَحِمَكُمُ اللَّهُ.
الصفحة 99
630