إلا أنه قد عارضه ما أخرجه أبو داود (¬1) أيضاً من حديث أنس قال: "وقع في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبعة أرؤس، ثم دفعها إلى أم سليم" .. الحديث.
وفي لفظ له (¬2) عن أنس أيضاً: "جمع السبي يعني بخير فجاء دحية فقال: يا رسول الله! أعطني جارية من السبي قال: اذهب فخذ جارية، فأخذ صفية بنت حيي، فجاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أعطيت دحية صفية بنت حيي ما تصلح إلا لك، قال: ادعوه بها فلما نظر إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له: خذ جارية من السبي غيرها ... الحديث".
والجمع (¬3) بينهما أن هذه الرواية أخرجها مسلم (¬4)، ورواية قتادة مرسلة، فهذه مقدمة عليها فهي أرجح منها.
26 - وَعَنْ مَالِكَ بْنَ أَوْسٍ بنِ الحَدَثَانِ قَالَ: أَرْسَلَ إِلَىَّ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ - رضي الله عنه -فَجِئْتُهُ حِينَ تَعَالَى النَّهَارُ فَوَجَدْتُهُ فِي بَيْتِهِ جَالِسًا عَلَى سَرِيرٍ مُفْضِيًا إِلَى رِمَالِهِ مُتَّكِئًا عَلَى وِسَادَةٍ مِنْ أَدَمٍ. فَقَالَ: يَا مَالُ! إِنَّهُ قَدْ دَفَّ أَهْلُ أَبْيَاتٍ مِنْ قَوْمِكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ فِيهِمْ بِرَضْخٍ فَخُذْهُ فَاقْسِمْهُ بَيْنَهُمْ، فَقُلْتُ: لَوْ أَمَرْتَ بِهَذَا غيْرِي؟ فَقَالَ: خُذْهُ يَا مَالُ، فَجَاءَ يَرْفَأ، مَوْلَى عُمَرَ - رضي الله عنه -، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ - رضي الله عنهم -؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمْ فَدَخَلُوا فَسَلّمُوا وَجَلَسُوا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَبَّاسٍ وَعَليٍّ - رضي الله عنهما -؟ قَالَ: نَعَمْ. فَأَذِنَ لَهُمَا فَدَخَلَا فَسَلّمَا فَجَلَسَا، فَقَالَ العَبَّاسُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ! اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا، وَهُمَا يَخْتَصِمَانِ، فَقَالَ القَوْمُ: أَجَلْ يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، اقْضِ بَيْنَهُمْ وَأَرِحْهُمْ. فَقَالَ عُمَرُ - رضي الله عنه -: اتَّئِدُوا أَنْشُدُكُمْ بِالله الَّذِي بِإِذْنِهِ تَقُومُ السَّمَاءُ وَالأَرْضُ؛ أَتَعْلَمُونَ أَنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ نُورَثُ مَا تَرَكْنَا
¬__________
(¬1) في "السنن" رقم (2997)، وأخرجه مسلم في "صحيحه" رقم (87/ 1365) وهو حديث صحيح.
(¬2) أي لأبي داود في "السنن" رقم (2998).
وأخرجه البخاري رقم (371) ومسلم بإثر الحديث رقم (1427) والنسائي رقم (3342، 3343، 3380).
(¬3) انظر: "الروض الأنف" (4/ 60)، "فتح الباري" (7/ 470).
(¬4) انظر: التعليقة المتقدمة.