إذا عرفت هذا فقوله: وهما أي: عباس وعلي - رضي الله عنهما - يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من بني النضير يشمل جميع ذلك.
وفي "صحيح البخاري" (¬1): "فأما صدقته - أي: النبي - صلى الله عليه وسلم - فدفعها عمر [76 ب] إلى علي والعباس، وأما خيبر - أي: الذي كان يخص النبي - صلى الله عليه وسلم - منها - وفدك فأمسكها عمر، أي: لم يدفعها لغيره". فعرفت بهذا أن صدقته - صلى الله عليه وسلم - تختص بما كان من بني النضير، وأما سهمه بخيبر وفدك فكان حكمهما إلى نظر من يقوم بالأمر بعده، فكان أبو بكر يقدم نفقة نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرها مما كان يصرفه مصرفه من مال خيبر وفدك، وما زاد من ذلك جعله في المصالح وعمل عمر بعده بذلك، فكانت كذلك في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر، فلما صار الأمر إلى عثمان (¬2) أقطع مروان بن الحكم به أرض فدك.
قال الخطابي (¬3): إن عثمان تأول بأن الذي يختص بالنبي - صلى الله عليه وسلم - يكون للخليفة بعده فاستغنى عنها عثمان بأمواله فوصل بها بعض قرابته، ثم إنه لمّا ولي الخلافة عمر بن عبد العزيز جمع بني مروان فقال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ينفق من فدك على بني هاشم ويزوج الأيم منهم ثم أرجعها عمر لبني هاشم، أخرجه أبو داود (¬4) وهذا خلاصة ما في "فتح الباري" (¬5) وغيره.
وأما صدقته وهي بنو النضير فيأتي الكلام فيها بعد هذا ولم أجد في البخاري ولا في "فتح الباري" ذكر العوالي مع أن المشهور أنها تطلق فدك مضمومة إليها العوالي.
¬__________
(¬1) في "صحيحه" رقم (3093) وطرفه في [3712، 4036، 4241، 6726].
(¬2) ذكره الحافظ في "الفتح" (6/ 204).
(¬3) في "معالم السنن" (3/ 378 - 379).
(¬4) في "السنن" رقم (2972) وهو حديث ضعيف.
(¬5) (6/ 203، 204 - 207).