كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

قوله: "فسأل سالماً" هو سالم بن عبد الله بن عمر (¬1) أحد الفقهاء السبعة بالمدينة على أحد الأقوال، وكان أشبه ولد عبد الله بعبد الله وعبد الله أشبه ولد عمر بعمر، وكان عبد الله يلام على إفراطه في حبه لسالم، وكان يقبله ويقول: ألا تعجبون من شيخ يقبل شيخاً.
قوله: "قال: من غلّ فأحرقوا متاعه واضربوه" اختلف العلماء في عقوبة الغال: فقال مالك (¬2): يعزّر بحسب ما يراه الإمام، وبه قال الشافعي (¬3) [83 ب] وأبو حنيفة (¬4) ومن لا يحصى من الصحابة والسابقين.
وقال الحسن (¬5) والأوزاعي (¬6) ومكحول (¬7): يحرق متاعه إلا سلاحه وثيابه التي عليه، واحتجوا بحديث ابن عمر في تحريق رحله.
وقال الأولون: هو حديث (¬8) ضعيف ولو صحّ لحمل على أنه كان قبل نسخ العقوبة بالمال.
¬__________
(¬1) سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي، أبو عمر، أو أبو عبد الله، المدني، أحد الفقهاء السبعة، وكان ثبتاً عابداً فاضلاً، كان يُشبَّه بأبيه في الهَدْي والسَّمت، من كبار الثالثة، مات سنة ست.
"التقريب" (1/ 280 رقم 11).
(¬2) "عيون المجالس" (2/ 707 رقم 460) "الإشراف" لعبد الوهاب (2/ 266).
(¬3) "روضة الطالبين" (10/ 240).
(¬4) المبسوط (10/ 50).
(¬5) أخرج عبد الرزاق في "المصنف" رقم (9508) وسعيد بن منصور في "سننه" رقم (2730)، عن عمرو، عن الحسن قال: "كان يؤمر بالرجل إذا غلَّ، فيحرق رحله، ويحرم نصيبه من الغنيمة.
(¬6) حكاه عنه ابن المنذر في "الأوسط" (11/ 55) والترمذي في "السنن" رقم (4/ 61).
(¬7) أخرج عبد الرزاق في "المصنف" رقم (9511) عن يزيد بن يزيد بن جابر عن مكحول، قال: "يجمع رحله فيحرق".
(¬8) قاله الطحاوي في "مختصر اختلاف العلماء" (3/ 476).

الصفحة 158