كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

قوله: "في حديث عبد الله بن عون وهم غارُّون" بغين معجمة وراء مشددة [23 ب] جمع غارّ بالتشديد، أي: غافل، وهو دليل على جواز الإغارة على الكفار الذين بلغتهم الدعوة إلى الإسلام من غير تقديم إعلام.
وفي المسألة: ثلاثة مذاهب:
وجوب الإنذار مطلقاً وهو مذهب مالك (¬1)، وعدم وجوبه مطلقاً وهو ضعيف، أو باطل، وجوبه إن لم تبلغهم الدعوة، وعدمه إن بلغتهم لكن تستحب وهذا هو الصحيح، وبه قال الجمهور (¬2)، وقد تظافرت الأحاديث الصحيحة على معناه كهذا الحديث ونحوه.
وفي "سنن الترمذي" (¬3) أنه ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيرهم إلى الدعوة قبل القتال، وهو قول إسحاق بن إبراهيم قال: أن تقدم إليهم في الدعوة فحسن تدعوهم يكون ذلك أهيب.
وقال بعض أهل العلم: لا دعوة اليوم، وقال أحمد (¬4): لا أعرف اليوم أحداً يُدعى، وقال الشافعي (¬5): لا تقاتلوا العدو حتى تدعو إلَّا أَنْ تعجلوا عن ذلك فإن لم تفعل فقد بلغهم الدعوة. انتهى كلام الترمذي.
قوله: "وسبي ذراريهم" فيه دليل على جواز استرقاق العرب؛ لأن بني المصطلق عرب من خزاعة، وهو قول الشافعي (¬6) في الجديد وهو الصحيح وبه قال جمهور العلماء (¬7).
¬_________
(¬1) "بداية المجتهد ونهاية المقتصد" (2/ 342 - بتحقيقي".
(¬2) انظر: "المغني" (13/ 142 - 144).
(¬3) في "السنن" (4/ 163) ولم أجده.
(¬4) في "المغني" (13/ 129 - 130).
(¬5) انظر: شرح "صحيح مسلم" للنووي (12/ 36).
(¬6) "الأم" (5/ 668)، شرح "صحيح مسلم" (2/ 36).
(¬7) انظر: "فتح الباري" (5/ 170).

الصفحة 47