قوله: "إلا تعجلوا ثلثي أجرهم" ظاهره أنه لما نالوه من السلامة، والغنيمة، وقد استشكل نقص (¬1) ثواب المجاهدين بأخذ الغنيمة؛ لأنه مخالف لما ثبت من حل الغنيمة، ولمدح النبي - صلى الله عليه وسلم - بأنها أحلت له، ولم تحل لغيره، ولو كانت تنقص الأجر ما وقع النفع بها، ثم إنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "وجعل رزقي تحت ظل رمحي" (¬2) وهو المغانم، فكيف يجعله الله رزقاً لرسوله - صلى الله عليه وسلم - وينقص به الأجر، وكان - صلى الله عليه وسلم - يرغّب في السلب ويقول: "من قتل قتيلاً فله سلبه" (¬3) وغير ذلك.
وإشكال آخر وهو: أنه يلزم أن يكون أجر أهل بدر أنقص من أجر أهل أحد مع أنّ أهل بدر أفضل بالاتفاق.
قال القاضي عياض (¬4): أنه أجاب بأنّ حديث (¬5) عبد الله بن عمرو ضعيف، لأنه من رواية حميد بن هاني وليس بمشهور.
قال الحافظ ابن حجر (¬6): هذا مردود؛ لأنه ثقة محتج به عند مسلم، وقد وثقه النسائي وابن يونس وغيرهما، ولا يعرف فيه تجريح عن أحد.
¬__________
(¬1) تقدم توضيحه، وانظر: "المفهم" (3/ 730) "فتح الباري" (6/ 50).
(¬2) ذكره البخاري في "صحيحه" (6/ 98) الباب رقم 88/ 87).
عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -:"جعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري".
(¬3) أخرجه أحمد (5/ 295، 306)، والبخاري رقم (3142) ومسلم رقم (41/ 1751) من حديث أبي قتادة - رضي الله عنه -.
(¬4) في "إكمال المعلم بفوائد مسلم" (6/ 330) حيث قال: حتى قال بعضهم: لا يصح الحديث، وأبو حميد بن هانئ راويه ليس بمشهور.
(¬5) وهو حديث صحيح.
(¬6) في "الفتح" (6/ 9).