كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

قوله: "في حديث عائشة: ما رأيته - صلى الله عليه وسلم - ضاحكاً مستجمعاً [ضحكاً] " (¬1).
أي: مستغرقاً في ضحكه, وكأنها فهمت أن ذلك من خوفه من ربه, وقد ورد في أحاديث "أنه ضحك حتى بدت نواجذه" (¬2)، ولكنه نادر، ويحتمل أن بدو نواجذه لا يستلزم رؤية لهواته التي نفت رؤيتها عائشة، واللهوات (¬3) جمع لهاة وهي اللحمات في أقصى سقف الفم، ومنه حديث الشاة المسمومة "فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (¬4).
قوله: "في حديث عائشة عرفت في وجهه" [أي] (¬5) الكراهة والمخافة.
قوله: "ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب، [قد] (¬6) عُذب قوم بالريح .. " الحديث، أي: أنّه - صلى الله عليه وسلم - يخشى أن يكون فيه عذاب على من يستحق العذاب من الكفار والمنافقين، فقد كان في المدينة منهم قوم، وكان - صلى الله عليه وسلم - يحب عفو الله، ويترقب طاعة من عصاه، ويرجو لهم رحمة الله، أو أن يخرج عن أصلابهم من يتقي الله.
قإن قلت: قد قال تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} (¬7)، وهو إخبار أنه تعالى لا ينزل عذاباً على من فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. [236/ أ] [309 ب].
¬__________
(¬1) التي في نص الحديث ضاحكاً.
(¬2) أخرجه البخاري في "صحيحه" وقم (6571، 7511) ومسلم رقم (460، 461، 466) والترمذي رقم (2595) وابن ماجه رقم (4339) وأحمد في "مسنده" (1/ 99, 186).
(¬3) "النهاية في غريب الحديث" (2/ 625).
(¬4) أخرجه البخاري فى "صحيحه" وقم (2617).
(¬5) زيادة من (أ).
(¬6) كذا في الشرح وهي ليست نص البخاري.
(¬7) سورة الأنفال الآية (33).

الصفحة 663