كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

قوله: "الصعدات" (¬1) مثل طريق وطرق وطرقات وهي جمع صعد، وهو جمع صعيد (¬2)، وهو التراب والمراد.
قوله: "والله لو تعلمون ما أعلم" أي: من قدرة الله وعظمته، وقيل: من الأهوال والعقوبات "لضحكتم (¬3) قليلاً ولبكيتم كثيراً" يحتمل أنه أريد لضحكتم تعجباً من غفلتكم وإهمالكم ما ينفعكم، وإعراضكم عنه، لا لضحكتم سروراً، فإن الذي عليه - صلى الله عليه وسلم - من الأهوال لا تقتضي ضحكاً ولا سروراً.
ويحتمل ضحكتم سروراً مما ترونه من سعة الرحمة، إلا أن قرينة السياق لا توافق هذا، فإن قلت: فما باله - صلى الله عليه وسلم - مع علمه بما يوجب ما ذكره من البكاء والخروج وترك التلذذ بالنساء لم يفعل ذلك؟
قلتُ: يحتمل أنّ المراد لو تعلمون ما أعلم مما أُعِدَّ لكم، وأمّا هو - صلى الله عليه وسلم - فهو [من] (¬4) عباده المخلصين لم يعد له شيء من تلك الأهوال، فإن الله قد أجاره من كل هول، بل أجاره وأجار به عباده وشفّعه فيهم، ويحتمل أنه - صلى الله عليه وسلم - لقوة ما أعطاه الله من قوة الإيمان ومعرفة المقامات العليّة والأمور الإلهية لم يحصل بعد علمه ما لو علموه لاتّفق لهم ما ذكره [310 ب] فإنّ الله أعطاه قوة قلب أقدره بها على رؤية السماوات وما فيها من عظم الآيات، ولذا قال تعالى: {مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى (17) لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى (18)} (¬5)، ولا ينافي هذا
¬__________
(¬1) قال ابن الأثير في "غريب الجامع" (4/ 13) الصعدات: جمع صعد، وهو التراب, والمراد: الطرق، مثل طريق وطرق وطرقات.
(¬2) أي: وصعد جمع صعيد.
(¬3) انظر: شرح الطيبي على "مشكاة المصابيح" (10/ 23).
(¬4) سقطت من (أ).
(¬5) سورة النجم الآية (17 - 18).

الصفحة 665