كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

قال الطيبي (¬1): إن قوله "وكان عرشه على الماء" فصل مستقل؛ لأن القديم من لم يسبقه شيء ولم يعارضه في [الأزلية] (¬2) لكن أشار بقوله "وكان عرشه على الماء" أي: أنّ الماء والعرش كان مبدأ هذا العالم لكونهما خلقا قبل خلق السموات والأرض فلم يكن تحت العرش إذ ذاك إلا الماء.
وروى السدي (¬3) في تفسيره بأسانيد متعددة أنّ الله لم يخلق شيئاً مما خلق قبل الماء.
وقد روى عبادة بن الصامت مرفوعاً: "أول ما خلق الله [القلم] (¬4) ... "، [رواه] (¬5) أحمد (¬6) والترمذي (¬7) وصححه, فيجمع بينه وبين حديث الكتاب بأنّ المراد بالأولوية بالنسبة إلى ما عدا الماء والعرش، وأما حديث (¬8) "أول ما خلق الله العقل" فليس له طريق ثبت.
¬__________
(¬1) في شرحه على "مشكاة المصابيح" (10/ 311).
(¬2) كذا في (أ. ب) والذي في شرح "المشكاة": الأولية.
(¬3) ذكره الحافظ في "فتح الباري" (6/ 289).
(¬4) في (ب) العلم.
(¬5) زيادة يستلزمها السياق.
(¬6) في "المسند" (5/ 317).
(¬7) في "السنن" رقم (2155).
وأخرجه أبو داود الطيالسي في "مسنده" رقم (577) "التاريخ الكبير" (6/ 92) وابن أبي عاصم في السنة (1/ 48، 49 رقم 2 والبيهقي في الاعتقاد (ص 136) والآجري في الشرية (ص 177، 178)، وهو حديث صحيح لغيره.
(¬8) قاله الحافظ في "فتح الباري" (6/ 289) ثم قال: وعلى تقدير ثبوته فهذا التقرير الأخير هو تأويله والله أعلم، وهو قوله: بأن أولية القلم بالنسبة إلى ما عدا الماء والعرش، أو بالنسبة إلى ما منه صدر من الكتابة، أي أنه قيل له اكتب أول ما خلق.

الصفحة 670