كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

وأخرجه أبو داود (¬1) "بلفظ: "لقد تركتم بالمدينة أقواماً ما سرتم من مسير، ولا أنفقتم من نفقة ولا قطعتم من واد إلا وهم معكم فيم, قالوا: يا رسول الله! وكيف [35 ب] يكونون معنا وهم بالمدينة؟ قال: "حسبهم العذر" (¬2).
قال المهلب: يشهد لهذا الحديث قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} (¬3) الآية، فإنه فاضل بين المجاهدين والقاعدين، واستثنى أولي الضرر من القاعدين، فكأنه ألحقهم بالفاضلين، وفيه أن المؤمن تبلغّه نيته أجر العامل إذا منعه العذر عن العمل.
3 - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: "عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ قَوْمٍ يُقَادُوْنَ إِلَى الجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ". أخرجه البخاري (¬4) وأبو داود (¬5). [صحيح]
وقال: يَعْنِي الأَسِيْرَ يُوثَقُ ثُمَّ يُسْلِمُ.
قوله: "في حديث أبي هريرة عجب (¬6) [ربنا (¬7)] " الحديث .. في النهاية (¬8): اعلم أنه إنما يتعجب الآدمي من الشيء إذا عظم وقعه عنده وخفي عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده.
¬__________
"إلا شركوكم" من شرك في المال، كسمع، أي: صار شريكاً فيه.
"حبسهم المرض" فيه فضل النية، وأن من نوى عملاً ومنعه عنه مانع فهو مثل العامل.
(¬1) في "السنن" رقم (2508) وقد تقدم.
(¬2) ذكره الحافظ في "الفتح" (6/ 47).
(¬3) سورة النساء الآية (95).
(¬4) في "صحيحه" رقم (3010).
(¬5) في "السنن" رقم (2677).
(¬6) تقدم توضيحه مفصلاً.
(¬7) في "أ. ب" ربك.
(¬8) (2/ 162).

الصفحة 70