كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

قال: لكن (¬1) تمسك من خالفه بإطباق الناس على تسمية أبي بكر خليفة رَسُولِ الله.
قلت: ولا يخفى أن التسمية يكفي فيها أدنى ملابسة فإنه يصدق عليه أنه خليفة رسول الله، في إبلاغ الشرائع عنه وتنفيذها ونحو ذلك.
قال ابن حجر (¬2): وقول الراوندية: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نص على العباس، وقول الرافضة (¬3): أنه نص على علي - عليه السلام - ووجه الرد عليهم إطباق الصحابة على مبايعة أبي بكر [وعلى طاعته] (¬4).
قلت: وقول عمر "لم يستخلف" وتقرير الله له عليه، وتقرير الصحابة لكلامه، دليل أنه - صلى الله عليه وسلم - لم يستخلف أحداً. [351 ب].
3 - وَعَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: تُوُفِّيَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه - بِالسُّنْحِ، فَقَامَ عُمَرُ - رضي الله عنه - يَقُولُ: وَاللهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ولَيَبْعَثَنَّهُ اللهُ تَعَالَى، فَيَقْطَعَنَّ أَيْدِيَ رِجَالٍ وَأَرْجُلَهُمْ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ - رضي الله عنه -، فَكَشَفَ عَنْ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فقَبَّلَهُ وَقَالَ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي، طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا، وَالَّذِي نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُذِيقُكَ اللهُ المَوْتَتَيْنِ أَبَدًا. ثُمَّ خَرَجَ فَقَالَ: أَيُّهَا الحَالِفُ عَلَى رِسْلِكَ، فَلمَّا تَكَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ جَلَسَ عُمَرُ - رضي الله عنهما - فَحَمِدَ اللهُ أَبُو بَكْر وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: أَلَا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللهَ فَإِنَّ الله حَيٌّ لاَ يَمُوتُ، وَتَلَا: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (30)} (¬5) , {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ
¬__________
(¬1) ذكره الحافظ في "الفتح" (13/ 208).
(¬2) في "فتح الباري" (13/ 208).
(¬3) تقدم التعريف بها، وانظر المفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم. (5/ 5، 13 - 19).
(¬4) والعبارة في "الفتح" كما يلي: ثم على طاعته في مبايعة عمر، ثم على العمل بعهد عمر في الشورى، ولم يدع العباس ولا علي أنه - صلى الله عليه وسلم - عهد له بالخلافة.
(¬5) سورة الزمر الآية (30).

الصفحة 745