كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)

- صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ: لَا نُوْرَثُ مَا تَرَكْنَاهُ صَدَقَةٌ, إِنَّمَا يَأْكُلُ آل مَحُمَّدٍ في هَذَا المَالُ، وَإِنَي وَالله لَا أَدعُ أَمْرَاً صَنَعَهُ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - إِلاَّ صَنَعْتُهُ إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى، فَقَالَ عَليٌّ - رضي الله عنه: مَوْعِدُكَ لِلْبَيْعَةِ الْعَشِيّةُ، فَلمَّا صَلَّى أَبُو بَكْر - رضي الله عنه - الظُّهْرَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ يَعْذُرَ عَلِيَّاً - رضي الله عنه - بِبَعْضِ مَا اعْتَذَرَ بِهِ، ثُمَّ قَامَ عَلِيٌّ - رضي الله عنه - فَعَظَّمَ حَقَّ أَبِي بَكْرٍ - رضي الله عنه -، وَذَكَرَ فَضِيْلَتَهُ وَسِابِقَتَهُ، ثُمَّ قَامَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَبَايَعَهُ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى عَليٌّ - رضي الله عنه - فَقَالُوْا: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ، فَكَانَ النَّاسُ إِلَى عَليٌّ - رضي الله عنه - قَرِيْبًا حينَ رَاجَعَ الْأَمْرَ المَعْرُوفَ. أخرجه الشيخان (¬1)، واللفظ لمسلم.
"ضرع" (¬2): أي خضع، وانقاد "والنفاسة" (¬3): الحسد، ومعنى "ما ألوت" (¬4) بالقصر: أي ما قصَّرت.
قوله: "في حديث عائشة لا نورث ما تركناه صدقة".
قال الحافظ ابن حجر (¬5): الذي توارد عليه أهل الحديث في القديم والحديث أن "لا نورث" بالنون و"صدقة" بالرفع، وأن الكلام جملتان "ما تركنا" في موضع الرفع بالابتداء،
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (3092) وأطرافه: (3711، 4035، 4240، 4241، 6725، 6726) ومسلم في "صحيحه" رقم (1759). وأخرجه أبو داود رقم (2968، 2969، 2970) والنسائي رقم (4141).
(¬2) انظر "الفائق" للزمخشري (3/ 217) "النهاية" (2/ 80).
(¬3) قال ابن الأثير في "غريب الجامع" (4/ 107) (نفاسة) المنافسة الحرص على الغلبة والانفراد بالمحروص عليه نفست عليه أنفس نفاسة.
وانظر "غريب الحديث" للخطابي (2/ 12).
(¬4) قال ابن الأثير في "غريب الجامع" (4/ 107) (ما ألوت) ألا يألوا: إذا قصر، وفلان لا يألوك نصحاً، أي لا يقصر.
وانظر "غريب الحديث" للخطابي (1/ 193)، "الفائق" للزمخشري (1/ 65).
(¬5) في "فتح الباري" (6/ 202).

الصفحة 761