كتاب التحبير لإيضاح معاني التيسير (اسم الجزء: 3)
إِلَيَّ فَقَالَ: إِنَّ الله تَعَالَى يَحْفَظُ دِينَهُ، وإنِّي إِنْ لاَ أَسْتَخْلِفْ، فَإِنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - لَمْ يَسْتَخْلِفْ، وَإِنْ أَسْتَخْلِفْ فَإِنَّ أَبا بَكْرٍ - رضي الله عنه - قَدِ اسْتَخْلَفَ، قَالَ: فَوَالله مَا هُوَ إِلاَّ أَنْ ذَكَرَ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم -وَأَبَا بَكْرٍ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ لَا يَعْدِلَ بِرَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَحَدًا، وَأَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَخْلِفٍ. أخرجه الخمسة (¬1) إلا النسائي. [صحيح].
"النَّوْسَاتُ" (¬2): ذوائب الشعر، ومعنى "تَنْطُفُ" (¬3): تقطر ماء.
10 - وَعَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأودي قَالَ: إِنِّي لَقَائِمٌ مَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ, - يَعْنِي عُمرَ - إِلاَّ عَبْدُ الله بْنُ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - غَدَاةَ أُصِيبَ، وَكَانَ إِذَا مَرَّ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ قَامَ بَيْنَهُمَا، فَإِذَا رَأَى خَلَلَاً قَالَ اسْتَوُوا، حَتَّى إِذَا لَمْ يَرَ فِيهِنَّ خَلَلاً تَقَدَّمَ فَكَّبرَ، وَرُبَّمَا قَرَأَ بِسُورَةَ يُوسُفَ، أَوِ النَّحْلَ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ، في الرَّكْعَةِ الأُولَى حَتَّى يَجْتَمِعَ النَّاسُ، فَما هُوَ إِلاَّ أَنْ كَبَّرَ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: قَتَلَنِي، أَوْ أَكَلَنِي الْكَلْبُ، حِينَ طَعَنَهُ، فَطَارَ الْعِلْجُ بِسِكِّينٍ ذَاتِ طَرَفَيْنِ لاَ يَمُرُّ عَلَى أَحَدٍ يَمِينًا وَلاَ شِمَالاً إِلاَّ طَعَنَهُ حَتَّى طَعَنَ ثَلاَثَةَ عَشَرَ رَجُلاً، فمَاتَ مِنْهُمْ تِسْعَةٌ، وَفي رِوَايَةٍ: سَبْعَةٌ، فَلمَّا رَأَى ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، طَرَحَ عَلَيْهِ بُرْنُسًا، فَلمَّا ظَنَّ الْعِلْجُ أنهُ مَأْخُوذٌ نَحَرَ نَفْسَهُ، وَتَنَاوَلَ عُمَرُ - رضي الله عنه - عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - رضي الله عنه - فَقَدَّمَهُ, فَأَمَّا مَنْ كَانَ يَلِي عُمَرَ فَقَدْ رَأَى الَّذِي رَأَيْتُ، وَأَمَّا نَوَاحِي المَسْجِدِ فَإِنَّهُمْ لاَ يَدْرُونَ مَا الْأَمْرُ، غَيْرَ أَنَّهُمْ قَدْ فَقَدُوا صَوْتَ عُمَرَ وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَ الله سُبْحَانَ الله، فَصَلَّى بِهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ صَلاَةً خَفِيفَةً، فَلمَّا انْصَرَفُوا قَالَ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ! انْظُرْ مَنْ
¬__________
(¬1) أخرجه البخاري في "صحيحه" رقم (1408، 7218) ومسلم رقم (1823) وأبو داود رقم (2939) والترمذي رقم (2225). وهو حديث صحيح.
(¬2) قال ابن الأثير في "النهاية" (2/ 804) أي ذوائبها تقطر ماء، فسمى الذوائب نوسات, لأنها تتحرك كثيراً.
وانظر "غريب الحديث" للخطابي (2/ 214)، "المجموع المغيث" (3/ 361).
(¬3) قاله ابن الأثير في "غريب الجامع" (4/ 119).
الصفحة 774