لا يسأل الملكان من حلّ الثرى ... إلا عن الرحمن عند حلوله
وعن الرسول محمَّد خير الورى
11 - وعن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قَالَ: لمَّا حُوْصِرَ عُثْمَانُ - رضي الله عنه - وَلّى أَبا هُرَيْرَةَ عَلَى الصَّلَاةِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُصَلِّي أَحْيَانَاً، ثُمَّ بَعَثَ عُثْمَانُ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ مَا تُرِيْدُونَ مِنِّي؟ قَالُوْا: نُرِيْدُ أَنْ تَخْلَعَ إِلَيْهِمْ أَمْرَهُمْ، ثُمَّ قَالَ: [لَا أَخْلَعُ سِرْبَالَاً سَرْبَلْنِيْهِ الله - عز وجل -، فَقَالُوْا: فَهُمْ قَاتِلُوكَ، قَالَ: لَئِنْ قَتَلْتُمُونِي لَا تَتَحَابُّونَ بَعْدِي أَبَدَاً] (¬1) وَلَا تُقَاتِلُونَ بَعْدِي عَدُوَّاً جَمِيْعَاً، وَلَتَخْتَلِفُنَّ (¬2) عَلَى بَصِيْرةٍ، يَا قَوْمِ! لَا يَجْرِمَنَكمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ مَنْ قَبْلَكُمْ، فَلمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِ الْأَمْرُ أَصْبَحَ صَائِمَاً (¬3) يَوْمَ الجُمْعَةِ، فَلمَّا كَانَ في بَعْضِ النَّهَارِ نَامَ فَقَالَ: رَأَيْتُ الْآنَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ لِي: إِنَّكَ تَفْطِرُ عِنْدَنَا الَّليْلَةَ، فَقُتِلَ مِنْ يَوْمِهِ، ثُمَّ قَامَ عَليٌّ - رضي الله عنه - خَطِيْبَاً فَحِمَدَ الله وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ! أَقْبِلُوا عَلَيَّ بِأَسْمَاعِكُمْ وَأَبْصَارِكُمْ، إِنِّي أخَاف أَنْ أَكُونَ أنَّا وَأَنْتُم قَدْ أَصْبَحْنَا في فِتْنَةٍ وَمَا عَلَيْنَا فِيْهَا إِلَّا الْاجْتِهَاد وَإِنَّ اللهَ تَعَالَى أَدَّبَ هَذ الْأُمَّةَ بِأَدَبَيْنِ: الْكِتَاِب وَالسُّنَّةِ، لَا هَوَادةَ عِنْدَ السُّلْطَانِ فِيْهِمَا، فَاتَّقُوْا الله وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ، ثُمَّ نَزَلَ وَعِمَدَ إِلَى مَا بَقِيَ مْنِ بَيْتِ المَالِ فَقَسَّمَهُ عَلَى المُسْلِمِينْ. أخرجه رزين.
"لا يجرمنكم": أي: لا يحملنكم، والشقاق: النزاع والخلاف، "والهوادة" السكون والموادعة، والرضا بالحالة التي ترجى معها سلامة.
قوله: "وعن عبد الله بن سلام" بتخفيف لام "سلام" هو الإسرائيلي السابق لمن أسلم من أهل الكتاب بإسلامه.
¬__________
(¬1) ما بين الحاصرتين أخرجه ابن سعد في "الطبقات" (3/ 72 - 73) عن الحسن.
(¬2) أخرج ابن سعد في "الطبقات" (3/ 71) عن أبي ليلى الكندي، بنحوه.
(¬3) أخرج ابن سعد في "الطبقات" (3/ 70) عبد الله بن الزبير وفيه " ... قال فدخلوا عليه وهو صائم ... ".