كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر (اسم الجزء: 3)

وَفِي رِواية «إِذَا نشَأتْ بَحْرِيَّةً فتَشاءمَت فتِلك عَيْنٌ غُدَيْقَة» أَيْ كَثِيرَةُ الْمَاءِ. هَكَذَا جَاءَتْ مُصَغَّرة، وَهُوَ مِنْ تَصْغير التَّعظيم. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُهُ فِي الْحَدِيثِ.
وَفِيهِ ذِكر «بِئْرِ غَدَق» هِيَ بِفُتْحَتَيْنِ: بِئْرٌ مَعْرُوفَةٌ بِالْمَدِينَةِ.

(غَدَا)
(س) فِي حَدِيثِ السَّحور «قَالَ: هَلُمَّ إِلَى الغَدَاء المُبارك» الغَدَاء: الطَّعام الَّذِي يُؤكل أوّلَ النَّهَارِ، فسُمَّي السَّحور غَدَاء، لأنَّه لِلصَّائِمِ بمَنْزِلَتِه للمُفْطِر.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «كُنْتُ أَتَغَدَّى عِنْدَ عُمر بْنِ الْخَطَّابِ فِي رَمَضَانَ» أَيْ أَتَسحَّر.
وَفِيهِ «لَغَدْوَةٌ أَوْ رَوْحةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» الغَدْوَة: الْمَرَّةُ مِنَ الغُدُوِّ، وَهُوَ سَيْرُ أَوَّلِ النَّهَارِ، نَقِيض الرَّواح. وَقَدْ غَدَا يَغْدُو غُدُوّاً. والغُدْوَة بِالضَّمِّ: مَا بَيْنَ صَلَاةِ الغَدَاة وَطُلُوعِ الشَّمْسِ. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ اسْماً، وَفِعْلًا، وَاسْمَ فَاعِلٍ، وَمَصْدَرًا.
[هـ] وَفِيهِ «أنَّ يزيدَ بْنَ مُرَّة قَالَ: نُهِي عَن الغَدَوِيّ» هُوَ كُلُّ مَا فِي بُطون الحَوامِل، كَانُوا يَتَبايَعُونه فِيمَا بَيْنَهُمْ فنهُوا عَنْ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ غَرَرٌ. وَبَعْضُهُمْ يَرْويه بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ.
وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَالْفِيلِ:
لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيُبُهم ... وَمِحَالُهم غَدْواً مِحَالَكْ
الغَدْو: أصْل الغَدْ، وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ يَوْمِكَ، فحُذِفَت لامُه. وَلَمْ يُسْتَعْمل تَامَّا إلاَّ فِي الشِّعْرِ. وَمِنْهُ قَوْلُ ذِي الرُّمَّة «1» :
ومَا النَّاسُ إلَّا كالدَّيَار وَأهْلِهَا ... بِهَا يَوْمَ حَلُّوها وغَدْواً بَلَاقِعُ
وَلَمْ يُرِدْ عَبْدُ المطَّلب الغَدَ بِعَيْنه، وَإِنَّمَا أرادَ الْقَرِيبَ من الزَّمان.
__________
(1) هكذا نسب فى الأصل، والذى الرُّمَّة. ولم نجده في ديوانه المطبوع بعناية كارليل هنري هيس مكارتي. وقد نسبه في اللسان للبيد. وهو في شرح ديوانه ص 169 بتحقيق الدكتور إحسان عباس.

الصفحة 346