كتاب النهاية في غريب الحديث والأثر (اسم الجزء: 3)

أَيِ اسْتَغاثُوا. يُقَالُ: فَزِعْتُ إِلَيْهِ فأَفْزَعَنِي. أَيِ اسْتَغَثْت إِلَيْهِ فأغاثَني، وأَفْزَعْتُه إِذَا أغَثْتَه، وَإِذَا خَوّفْتَه.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْكُسُوفِ «فافْزَعُوا إِلَى الصَّلَاةِ» أي الْجَأُوا إِلَيْهَا، واسْتَغِيثُوا بِهَا عَلَى دَفْع الأمْرِ الحادِث.
وَمِنْهُ صِفَةُ عَلِيٍّ «فَإِذَا فُزِعَ فُزِعَ إِلَى ضَرِسٍ حَدِيد» أَيْ إِذَا اسْتُغِيثَ بِهِ الْتُجِئَ إِلَى ضَرِس، والتَّقْدير: فَإِذَا فُزِعَ إِلَيْهِ فُزِعَ إِلَى ضَرِس، فَحُذِف الجَارُ واسْتَتر الضَّمِيرُ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ الْمَخْزُومِيَّةِ «ففَزِعُوا إِلَى أُسَامة» أَيِ اسْتَغاثوا بِهِ.
وَفِيهِ «أَنَّهُ فَزِعَ مِنْ نوْمه مُحْمَرّاً وجْهُه» .
[هـ] وَفِي رِوَايَةٍ «أَنَّهُ نَامَ ففَزِعَ وَهُوَ يَضْحك» أَيْ هَبَّ وانْتَبه. يُقَالُ: فَزِعَ مِنْ نَوْمِهِ، وأَفْزَعْتُه أَنَا، وَكَأَنَّهُ مِنَ الفَزَع: الخَوْفِ، لِأَنَّ الَّذِي يُنَبَّه لَا يَخْلُو مِنْ فَزَعٍ مَا.
(س) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «أَلَا أَفْزَعْتُمُونِي» أَيْ أنْبَهْتُموني.
(س) وَمِنْهُ حَدِيثُ مَقتل عُمَرَ «فَزِّعُوه بِالصَّلَاةِ» أَيْ نَبِّهُوه.
وَفِي حَدِيثِ فَضْلِ عثمان «قالت عائشة للنبي صلى الله عليه وسلّم: مَا لِي لَمْ أرَكَ فَزِعْتَ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ كَمَا فَزِعْتَ لعُثْمان؟ فَقَالَ: إِنَّ عثمانَ رَجُلُ حَيِيٌّ» يُقَالُ: فَزِعْتُ لِمَجيء فُلان إِذَا تأهَّبْتَ لَهُ مُتَحوِّلا مِنْ حالٍ إِلَى حَالٍ، كَمَا يَنْتَقِل النَّائِمُ مِنْ حَالِ النَّوم إِلَى حَالِ اليَقظة.
وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ بِالرَّاءِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ، مِنَ الفَراغ وَالِاهْتِمَامِ، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ مَعْدِيكرِب «قَالَ لَهُ الأْشَعث: لَأُضَرِّطَنَّك، فَقَالَ:
كَلاَّ إِنَّهَا لَعَزُومٌ مُفَزَّعَة» أَيْ صَحِيحَةٌ تَنْزِل بِهَا الأَفْزَاع. والمُفَزَّع: الَّذِي كُشِفَ عَنْهُ الفَزَع وأُزِيل «1» .
وَمِنْهُ حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ «وَذَكَرَ الوَحْي قَالَ: فَإِذَا جَاءَ فُزِّعَ عَنْ قلوبهم» أي كُشِف عنها الفَزَع.
__________
(1) قال الهروي: «ومن جعله جبانا أراد يفزع من كل شيء. قال الفراء: وهذا مثل قولهم: رجلٌ مُغَلَّب، أي غالب، ومُغَلَّب، أي مغلوب» .

الصفحة 444