وقال الشافعي: لا بأسَ بالألحان وترديد الصوت بالقرآن، واختار سفيانُ ابن عُيينةَ: أن التغني هو الاستغناء بالقرآن عن غيره.
روى هذا الحديث أبو هريرة وسعدُ بن أبي وقَّاص.
* * *
1572 - وقال عبد الله بن مَسْعودٍ - رضي الله عنه -: قالَ لي رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على المِنْبَرِ: "اقْرَأْ عليَّ"، قلتُ: أَقْرَأُ عليكَ وعليكَ أُنْزِلَ؟، قال: "إنِّي أُحِبُّ أنْ أسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي"، فقرأْتُ سورةَ النِّساءَ حتَّى أتيتُ إلى هذه الآية: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} قال: "حَسْبُكَ الآن"، فالتفتُّ إليه، فإذا عَيْنَاهُ تَذْرِفانِ.
قوله: "اقرأ عليَّ"؛ يعني: اقرأ حتى أستمع إليك، فإني أحب أن أسمعَ القرآنَ من غيري، وهذا دليلٌ على أن استماعَ القرآن سُنةٌ.
قوله: "حسبك الآن"؛ يعني: إذا وصلت إلى هذه الآية لا تقرأ شيئًا آخر، فإني مشغولٌ بالتفكُّر في هذه الآية وبالبكاء.
ولتتعلم الأمةُ استماعَ القرآن عن رسول الله، فإنه استمع مع (¬1) التدبر والتفكر في معناه بحيثُ جرت دموعه من تعظيمِ خطابِ الله تعالى.
قوله: " {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} "؛ يعني: فكيف حال الناس في يومٍ تحضرُ أمةُ كلِّ نبيٍّ، ويكون نبيهم شهيدًا بما فعلوا من قبولهم ذلك النبي، أو ردهم إياه؟ وكذلك يفعلُ بك يا محمد وبأمتك.
¬__________
(¬1) في "ت" و"ق": "عن"، وفي "ش": "عند"، والصواب ما أثبت.