كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 3)

لعِمران بن الحُصين أو قال لرجلٍ آخرَ: "أصمتَ من سررِ شعبان؟ " (السَّرَر) و (السِّرَار) بفتح السين وكسرها: ليلتان من آخر الشهر؛ يعني: إذا أفطرتَ اليومَين الأخيرَين من شعبان فاقضِ مكانَهما يومَين، قيل: كان عليه صومُ يومِ الأخيرَين من شعبان، فأمرَه رسولُ الله - عليه السلام - بقضائها إذا فاتا، على هذا الوجه فسَّره أصحاب الحديث، سُمِّي اليومانِ الأخيرانِ من الشهر سَرَرًا وسِرَارًا؛ لاستتار القمر في ليلتهما.
* * *

1453 - وقال: "أفْضَلُ الصِّيامِ بعدَ رَمضانَ شَهْرُ الله المُحَرَّمُ، وَأَفْضَلُ الصَّلاةِ بعدَ الفَرِيضَةِ صَلاةُ اللَّيْلِ".
قوله: "أفضلُ الصيام بعدَ رمضانَ شهرُ الله المُحرَّم"؛ أضاف (شهر المُحرَّم) إلى نفسه تعالى؛ لتعظيم هذا الشهر.
روى هذا الحديثَ أبو هريرة.
* * *

1454 - وقال ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما -: ما رَأَيتُ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يَتَحَرَّى صِيامَ يَومٍ فَضَّلَهُ على غيرِهِ إلَّا هذا اليومَ يومَ عاشوراءَ، وهذا الشهرَ، يعني: شهرَ رمضانَ.
قوله: "يتحرَّى صيامَ يومٍ فضَّلَه" بدل من قوله: (صيام يوم)، والتقدير: يتحرَّى فضلَ صيامِ يومٍ على غيره، و (التحرِّي): طلبُ الصوابِ والمبالغةُ في طلبِ شيءٍ؛ يعني: ما رأيتُه يُبالغ في تفضيل صومِ يومٍ على يوم إلا عاشوراءَ ورمضانَ؛ فإنه - عليه السلام - فضَّل صومَ هذه الأيام على صوم غيرها.
أما صومُ رمضانَ فلأنه مفروضٌ، وأما عاشوراء فإنها كانت فريضةً في أول الإسلام، ثم نُسخت فرضيتُها ووجبَ فرضيةُ رمضانَ، ولا شك أن السُّنةَ

الصفحة 37