كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 3)

قوله: "قد تَواطَتْ في السَّبع الأواخر"، (تواطت): أصله: (تواطأت) بالهمز بعد الطاء، فقُلبت الهمزة ألفًا وحُذفت الألفُ؛ لسكونها وسكون التاء، ومعناه: توافقت؛ يعني: رأى جماعةٌ من الصحابة ليلةَ القَدْر في المنام، بعضُهم رآها في ليلة الثالث والعشرين، وبعضُهم في ليلة الخامس والعشرين، وكذلك جميعُهم رَأَوها في المنام في السَّبع الأواخر.
سُمِّيت ليلةُ القَدْر بهذا الاسم؛ لأن معنى (القَدْر) عظيمُ الشأن والمنزلة، هذه الليلةُ عظيمةُ القَدْرِ والمنزلةِ، وقيل: سُميت هذه الليلةُ بليلة القَدْرِ؛ لِمَا يجري فيها من قضاء الله وقَدَره أكثر مما يجري سائرَ الليالي.
* * *

1490 - وعن ابن عبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "الْتمِسُوا في العَشْرِ الأواخِرِ في رمَضانَ لَيْلَةَ القَدْرِ في تاسِعةٍ تَبْقَى، في سابعةٍ تَبْقَى، في خامِسَةٍ تَبْقَى، في ثالِثَةٍ تَبْقَى".
قوله: "التَمِسُوا"؛ أي: اطلبوا.
* * *

1491 - عن أبي سَعيد الخُدْري - رضي الله عنه -: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتكَفَ العَشْرَ الأَوَّلَ مِنْ رَمَضَانَ، ثُمَّ اعْتَكَفَ العَشْرَ الأَوْسَطَ في قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ، ثُمَّ أَطْلَعَ رَأْسَهُ فقال: إنِّي "اعْتكَفْتُ العَشْرَ الأَوَّلَ أَلْتَمِسُ هذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ اعْتكَفْتُ العَشْرَ الأَوْسَطَ، ثْمَّ أُتِيتُ، فَقِيلَ لي: إنَّهَا في العَشْرِ الأَواخِرِ، فَمَنْ كانَ اعْتَكَفَ مَعي فَلْيَعْتَكِفِ العَشْرَ الأَواخِرَ، فقدْ أُريتُ هذِهِ اللَّيْلَةَ، ثُمَّ أُنْسِيتُها، وقدْ رَأَيْتُني أَسْجُدُ في ماءٍ وطِينٍ مِنْ صَبيحَتِها، فالْتِمِسُوها في العِشْرِ الأَواخِرِ، والْتَمِسُوها في كُلِّ وِتْرٍ"، قال: فَمَطَرَتِ السَّماءُ تِلكَ اللَّيْلَة، وكانَ المسجِدُ على عَرِيشٍ، فَوَكَفَ المسجِدُ،

الصفحة 52