كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 3)

فَبَصُرَتْ عَيْنايَ رسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى جَبْهَتِهِ أَثَرُ الماءِ والطِّينِ من صَبيحَةِ إحْدَى وعِشْرِين.
قوله: "اعتَكَفَ العَشْرَ الأولَ من رمضانَ ... " إلى آخره، (الاعتكاف): الإقامة في المسجد بنية الاعتكاف، ولا يصح من غير نية، ولا يصح إلا في المسجد، سواءٌ فيه مسجد الجامع وغيره عند الشافعي وأبي حنيفة ومالك.
وقيل: يصحُّ اعتكافُ المرأة في بيتها، ويصحُّ الاعتكافُ بغير صومٍ عند الشافعي، ولا يصحُّ عند أبي حنيفة ومالك.
قوله: "فِي قُبَّةٍ تُرْكِيَّةٍ"؛ أي: في قُبَّةٍ من لِبْدٍ.
قوله: "ثم أُتيتُ"؛ يعني: قال لي قائلٌ من الملائكة: إن ليلةَ القَدْر في العَشر الأواخر لا في العَشر الأول والأوسط، فعَزَمتُ على أن أَعتكفَ في العَشر الأواخر لا في العشر الأول؛ فمَن أراد موافقتي فَلْيُوافِقْني في اعتكاف العَشر الأواخر.
قوله: "فقد رأيتُ هذه الليلةَ ثم أُنسيتُها"؛ يعني: رأيتُ هذه الليلةَ مرارًا ثم أُنسيتُها، ولعل الحكمةَ في نسيانه - عليه السلام - ليلةَ القَدْر: أنَّه لو لم يَنْسَها لأَخْبَرَ الناسَ بها، وإذا أَخْبَرَ الناسَ بها فربما يُواظب جماعةٌ على تعظيم ليلة القَدْر، ويغترُّون بكثرة ثوابهم في إحياء تلك الليلة ويتركون تعظيمَ باقي الليالي والأيام، فأخفاها الله تعالى ليُعظِّمَ الناسُ لياليَ رمضانَ أو لياليَ العَشر الأواخر من رمضانَ لطلب ليلة القَدْر.
قوله: "وقد رأيتُني أسجدُ في ماءٍ وطينٍ من صبيحتها"؛ يعني: رأيتُ ليلةَ القَدْر في المنام، ورأيتُ في المنام أيضًا أني أَسجدُ في صبيحةِ ليلةِ القَدْر على أرضٍ رطبٍ، فنُسِّيتُ أيةَ ليلةٍ كانت.
قال أبو سعيد: فبَصُرَتْ عيناي جبهةَ رسول الله - عليه السلام - ملطخةً

الصفحة 53