كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 3)

وَمَثَلُ المُنافِقِ الَّذي يَقَرْأُ القُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحانَةِ ريحُها طَيَّبٌ وطَعْمُها مُرٌّ".
وفي روايةٍ: "المُؤْمِنُ الَّذي يَقْرأُ القُرْآنَ ويَعْمَلُ بهِ كالأُتْرُجَّة، والمُؤْمِنُ الَّذي لا يَقْرَأُ القُرْآنَ ويَعْمَلُ بهِ كالتَّمْرَة".
قوله: "مثلُ المؤمِنِ الَّذي يقرأُ القرْآنَ ... " إلى آخره؛ يعني: الأُتْرجَّةُ طعمها طيب وريحها طيب، فالمؤمنُ الذي يقرأ القرآن هكذا من حيثُ إن الإيمانَ في قلبه ثابتٌ طيب الباطن، ومن حيث إنـ[ـه] يقرأُ القرآن، ويستريحُ الناسُ بصوته، ويَجِدون الثوابَ بالاستماع إليه، ويتعلمون القرْآنَ منه = مثلُ رائحة الأترجة يستريح الناس برائحتها.
والمؤمنُ الذي لا يقرأُ القرآن طيبٌ باطنُهُ وذاتُهُ بالإيمان، ولكن لا يستريحُ الناسُ بقراءته القرآنَ، وهو كالتمرِ، طعمُهُ حلوٌ، وليس له رائحةٌ يستريحُ الناسُ بها من البُعدِ.
ومثل المنافق الذي لا يقرأُ القرآنَ كمثل الحنظلة؛ لأن باطنَهُ خبيثٌ بكتمانه الكفرَ، ولا يحصل من ظاهره خيرٌ لأحد.
والمنافقُ الذي يحصل منه راحةٌ إلى الناس باستماعهم القرآن منه كمثل رائحةِ الريحانةِ، ولكنَّ باطنَهُ خبيثٌ بكتمان الكفر، كطعم الريحانة.
روى هذا الحديث أبو موسى الأشعريُّ.
* * *

1515 - وقال: "إنَّ الله تعالى يَرْفَعُ بهذا الكَتابِ أقْوامًا ويَضَعُ بهِ آخَرِين".
قوله: "إن الله يرفعُ بهذا الكتابِ أقوامًا ويضعُ به آخرين"؛ يعني: من آمنَ بالقرآن وعظَّم شأنَهُ وعمل به، يرفع الله درجته في الآخرة، ويرزقه عزة وشرفًا، ومن

الصفحة 67