كتاب المفاتيح في شرح المصابيح (اسم الجزء: 3)

الطير ترفع أجنحتها بعضها بجنب بعض.
(الطير): جمع طائر، وقد يُستعمَل الطير على الواحد.
و (أو) في (أو غيايتان أو فرقان) يحتمل أن تكون للشك من الراوي، ويحتمل أن تكون للتخيير في تشبيهِ هاتين السورتين بغمامتين أو غيايتين أو فِرقين؛ يعني: إن شئتَ شبههما بغمامتين، وإن شئتَ شبههما بغيايتين، وفِرقين من الطير، يجيئان فوق رأس قارئهما يوم القيامة تُظِلانه عن حرِّ الشمس يومئذ.
قوله: "تحاجَّان عن أصحابهما"؛ يعني: تدفعان الجحيم والزبانية والأعداء عن الذين قرؤوهما في الدنيا، وتشفعان لهم عند الله، وجعلُ صورتِهِما كالغمامتين يحتمل أن يكون لها عظمةٌ وخوفٌ في قلوب أعداء قارئهما.
قوله: "ولا يستطيعها البَطَلَةُ"، (البطلة): جمع باطل، والباطل: ضد الحق، والباطل: الكسلان، يحتمل أن يكون معناه: لا يقدر الكسلان أن يتعلمَ سورة البقرة لطولها، ويحتمل أن يكون معناه: أن أهل السحر والباطل لا يجدون التوفيقَ لتعلُّمها ودِرايتها.
روى هذا الحديث بُريدةُ.
* * *

1521 - وقال: "يُؤْتى بالقُرْآنِ يومَ القِيامَةِ وأَهْلِهِ الذينَ كانُوا يَعْمَلُونَ بهِ تَقْدُمُهم سُورَةُ البَقَرَةِ وآلُ عِمْرانَ، كأنَّهما غَمامَتانِ أو ظُلَّتانِ سَوْداوانِ بَيْنَهُما شَرْقٌ، أو كأَنَّهُمَا فِرْقانِ مِنْ طَيْرٍ صَوافَّ تُحاجَّانِ عَنْ صاحِبهِما".
قوله: "يُؤتَى بالقرْآن يومَ القيامة وأهلِهِ الذين كانوا يعملونَ به"، هذا إعلامٌ بأنَّ من قرأ القرآن ولم يعملْ به - أعني: لا يحرِّمُ حرامَهُ، ولا يحلِّلُ حلاله، ولا يعتقد عظمته وحرمته - لم يكن القرآن شفيعًا له يوم القيامة، وليس له حظٌّ من تلاوته.

الصفحة 72