كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 3)

1512 - وقال: "المَاهِرُ بالقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، والذي يَقْرِأُ القُرْآنَ ويَتتَعْتَعُ فيهِ وهو عليهِ شاقٌّ لهُ أجْرانِ".
"عن عائشة - رضي الله عنها - أنها قالت: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: الماهرُ بالقرآن"؛ أي: الحاذِقُ الكاملُ في حفظِه، وجازَ أن يريد به جودةَ اللفظ وإخراجَ كلِّ حرفٍ من مَخْرَجه.
"مع السَّفَرة" جمع: السافر، وهو الكاتب، أراد بهم: الملائكة الذين يكتبون أعمالَ العباد ويحفظونها لأجلهم، وقيل: هم حَمَلَة اللوح المحفوظ، كما قال الله تعالى: {بِأَيْدِى سَفَرَةٍ (15) كِرَام بَرَرَةٍ} [عبس: 15 - 16].
سُمُّوا بذلك؛ لنقلِهم الكتبَ الإلهيةَ المنزلةَ إلى الأنبياء، فكأنهم يستنسخونها، والمعنى الجامع بينهم: كونُهم من خَزَنَة الوحي وأُمناء الكتاب.
قيل: معنى كونه معهم: أن يكونَ في منازلهم ورفيقًا لهم في الآخرة؛ لاتِّصافه بصفتهم من جهة أنَّه حاملُ الكتاب، أو من: السَّفْر، بمعنى: الإصلاح، فالمراد: الملائكة النازلون بأمر الله بما فيه مصلحة العباد، من حفظهم عن الآفات، ودفعهم عن المعاصي، وإلقاء الخير في قلوبهم.
"الكرام" جمع: الكريم.
"البَرَرَة" جمع: البارّ، بمعنى: المُحسِن.
"والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه"، يقال: تَعْتَعَ لسانَه: إذا توقَّف في الكلمات وعَثَرَ؛ أي: لا يطيعه لسانُه في القراءة.
"وهو عليه"؛ أي: القرآنُ على ذلك القارئ "شاقٌّ"؛ أي: شديدٌ، تصيبه مشقة في قراءته.
"له أجران": أجر القراءة، وأجر تحمُّل المشقة.

الصفحة 10