كتاب شرح المصابيح لابن الملك (اسم الجزء: 3)

"وعن عمر - رضي الله عنه - أنَّه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم: إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا"؛ أي: بالقرآن درجةَ أقوامٍ، وهم مَن آمَنَ به وعملَ بمقتضاه.
"ويضع به آخرين"، أي: يحطُّ بالقرآن أقوامًا آخرين، وهم مَن أَعرضَ عنه ولم يحفظْ وصاياه.
* * *

1516 - وعن أبي سَعيد الخُدْري - رضي الله عنه -: أن أُسَيد بن حُضَيرٍ بَيْنَما هُوَ يَقْرَأُ مِنَ اللَّيْلِ سُورَةَ البَقَرَةِ وَفَرَسُهُ مربُوطٌ عِنْدَهُ إذْ جالَتْ الفَرَسُ، فسكَتَ فسَكَنَتْ، فقَرَأَ فجَالَتْ، فسَكَتَ فسَكَنَتْ، ثُمَّ قَرَأَ فجالَتْ، فلمَّا أصْبَحَ حَدَّثَ بهِ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: فَرَفَعْتُ رأْسي إلى السَّماءِ، فإذا مِثْلُ الظُّلةِ فيها أَمْثالُ المَصَابيح عَرَجَتْ في الجَوِّ حتَّى لا أَراها، قال: "تلكَ المَلائِكةُ دَنَتْ لِصَوتِكَ، ولَوْ قَرَأْتَ لأَصْبَحَتْ يَنْظُرُ النَّاسُ إلَيْها لا تتَوارَى مِنْهُم".
"وعن أبي سعيد الخُدري: أن أُسيد بن حُضير": بضم الحاء المهملة على صيغة تصغير.
"بينما هو يقرأ من الليل سورةَ البقرة، وفَرَسُه مربوطةٌ عنده"، قيل: التأنيث في (مربوطة) على تأويل الدابة، وصوابه: أن الفَرَسَ يقع على الذكر والأنثى، كذا قاله الجوهري.
"إذ جالَتِ الفَرَسُ"؛ أي: دارَ دورة لوجدانها ذوقًا وراحةً من سماع القرآن.
"فسكتَ عن القراءة، فسَكَنَتْ"؛ لذهاب ذلك الذوق منها، ويحتمل أن يكون تحرُّكها عند القراءة لدنوِّ الملائكة وخوفها منهم، وسكونُها عند سكوت

الصفحة 13