كتاب تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة (اسم الجزء: 3)

989 - 3008 - عن ابن عمر قال: بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية, فحاص الناس حيصة, فأتينا المدينة فاختفينا بها, وقلنا: هلكنا, ثم أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله! نحن الفرارون؟ قال: "بل أنتم العكارون, وأنا فئتكم"
وفي رواية قال: " لا, بل أنتم العكارون" قال: فدنونا فقبلنا يده فقال: "أنا فئة المسلمين"
"وفي حديث ابن عمر: فحاص الناس حيصة"
أي: فمالوا ميلة, من: الحيص, وهو الميل, فإن أراد بـ (الناس) أعداءهم فالمراد بها الحملة, أي: حملوا علينا حملة وجالوا جولة, فانهزمنا عنهم وأتينا المدينة.
وإن أراد به السرية فمعناها الفرار والرجعة أي: مالوا عن العدو ملتجئين إلى المدينة, ومنه قوله تعالى: {ولا يجدون عنها محيصا} [النساء:121] , أي: محيدا ومهربا.
"وفيه: بل أنتم العكارون, وأنا فئتكم" أي: لستم (الفرارون) من القتال حين رجعتم إلى للإستظهار والعضد, بل أنتم المتحيزون إلى فيه لتستظهروا بهم, ثم تكروا وتعتكروا عليهم, وأنا فيكم قد تحيرتم إلى, فلا حرج عليكم في هذا الرجوع, والعكر: العطف والكرور.
***

الصفحة 24