كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 3)

" صفحة رقم 3 "
2 ( آل عمران : ( 93 ) كل الطعام كان . . . . .
( كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِىإِسْرَاءِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَاءِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَمَنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَائِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ قُلْ صَدَقَ اللَّهُ فَاتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِى بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ فِيهِ ءَايَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ ءَامِناً وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ قُلْ ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِأيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ قُلْ ياأَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ ءَامَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ ءَايَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِىَ إِلَى صِرَاطٍ مّسْتَقِيمٍ ( ) ) 2
) كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لّبَنِى إِسْراءيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْراءيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ ( قال أبو روق وابن السائب : نزلت حين قال النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) : ( أنا على ملة إبراهيم ) فقالت اليهود : فكيف وأنت تأكل لحوم الإبل وألبانها ؟ فقال ( صلى الله عليه وسلم ) ) : ( ذلك حلالٌ لأبي إبراهيم ونحن نحلُّه ) فقالت اليهود : كلُّ شيء أصبحنا اليوم نحرِّمه فإنه كان محرماً على نوح وإبراهيم حتى انتهى إلينا ، فأنزل الله ذلك تكذيباً لهم . ومناسبة هذه الآية لما قبلها والجامع بينهما أنه تعالى أخبر أنه لا ينالُ المرء البرّ إلا بالإنفاق مما يحب . ونبي الله إسرائيل روي في الحديث : ( أنه مرض مرضاً شديداً فطال سقمه فنذر لله نذراً إنْ عافاه اللَّهُ من سقمه أنْ يحرِّمَ ، أو ليحرمَنّ أحبَّ الطعام والشراب إليه ، وكان أحبُّ الطعام إليه لحوم الإبل ، وأحبُّ الشراب ألبانها ، ففعل ذلك تقرباً إلى الله . فقد اجتمعت هذه الآية وما قبلها في أنّ كلاًّ منهما فيما ترك ما يحبه الإنسان وما يؤثره على سبيل التقرب به لله تعالى . وكلٌّ : من صيغ العموم . والطعام : أصلُه مصدرٌ أُقيم مقام المفعول ، وهو اسم لكل ما يطعم ويؤكل . وزعم بعض أصحاب أبي حنيفة أنه اسم للبر خاصة . قال الرازي : والآية تبطله لأنه استثنى منه ما حرم إسرائيل على نفسه . واتّفقوا على أنه شيء سوى الحنطة ، وسوى ما يتخذ منها . ومما يؤكد ذلك قوله في الماء ومن لم يطعمه . وقال : ( وطعام الذين أوتوا الكتاب حلٌّ لكم ) وأراد الذبائح انتهى .
ويُجاب عن الاستثناء أنه منقطع ، فلا يندرجُ تحت الطعام . وقال القفال : لم يبلغنا أنّ الميتة والخنزير كانا مباحين لهم مع انّهما طعام ، فيحتملُ أنْ يكونَ ذلك على الأطعمة التي كانت اليهود في وقت الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) ) تدَّعي أنها كانت محرمة على إبراهيم ، فيزول الإشكال يعني إشكال العموم . والحل : الحلال ، وهو مصدرُ حلَّ نحو عزّ عزاً ومنه ( وأنت حل بهذا البلد ) أي حلالُ به . وفي الحديث عن عائشة : ( كنت أطيِّبُ رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) لحلِّه ولحرمه ) ولذلك استوى فيه الواحدُ والجمعُ والمذكر والمؤنث . قال : ( لا هنّ حلٌّ لهم ) وهي كالحرم ، أي الحرام . واللُّبس ، أي اللباس . وإسرائيل : هو يعقوب ، وتقدم الكلام عليه ، وتقدّم أنّ

الصفحة 3