" صفحة رقم 467 "
لحكمه .
المائدة : ( 19 ) يا أهل الكتاب . . . . .
( وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ ( أي الرجوع بالحشر والمعاد .
( الْمَصِيرُ يََأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مَّنَ الرُّسُلِ أَن تَقُولُواْ مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ ( أهل الكتاب هم اليهود والنصارى ، والرسول هو محمد ( صلى الله عليه وسلم ) ) . وقيل : المخاطب بأهل الكتاب هنا هم اليهود خاصة ، ويرجحه ما روي في سبب النزول : وأن معاذ بن جبل ، وسعد بن عبادة ، وعقبة بن وهب قالوا : يا معشر اليهود اتقوا الله ، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله . ويبين لكم أي يوضح لكم ويظهر . ويحتمل أن يكون مفعول يبين حذف اختصار ، أو يكون هو المذكور في الآية . قبل هذا ، أي : يبين لكم ما كنتم تخفون ، أو يكون دل عليه معنى الكلام أي : شرائع الدين . أو حذف اقتصاراً واكتفاء بذكر التبيين مسنداً إلى الفاعل ، دون أن يقصد تعلقه بمفعول ، والمعنى : يكون منه التبيين والإيضاح . ويبين لكم هنا وفي الآية قبل في موضع نصب على الحال . وعلى فترة متعلق بجاءكم ، أو في موضع نصب على الحال ، والمعنى : على فتور وانقطاع من إرسال الرسل .
والفترة التي كانت بين رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) ) وعيسى عليه السلام قال قتادة : خمسمائة سنة وستون . وقال الضحاك : أربعمائة سنة وبضع وثلاثون سنة . وقيل : أربعمائة ونيف وستون . وذكر محمد بن سعد في كتاب الطبقات له عن ابن عباس : أن كان بين ميلاد عيسى والنبي عليهما الصلاة والسلام خمسمائة سنة وتسع وستون سنة ، بعث في أولها ثلاثة أنبياء . وهو قوله تعالى : ) إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ ( وهو شمعون وكان من الحواريين . وقال الكلبي مثل قول ابن عباس إلا أنه قال : بينهما أربعة أنبياء ، واحد من العرب من بني عبس وهو خالد بن سنان الذي قال فيه النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ) : ( ضيعه قومه ) . وروي عن الكلبي أيضاً خمسمائة وأربعون . وقال وهب : ستمائة سنة وعشرون . وقيل : سبعمائة سنة . وقال مقاتل : ستمائة سنة ، وروي هذا عن قتادة والضحاك . وذكر ابن عطية أن هذا روي في الصحيح . فإن كانا كما ذكر وجب أن لا يعدل عنه لسواه . وهذه التواريخ نقلها المفسرون من كتب اليونان وغيرهم ممن لا يتحرّى النقل . وذكر ابن سعد في الطبقات عن ابن عباس والزمخشري عن الكلبي قالا : كان بين موسى وعيسى ألف سنة وسبعمائة سنة ، وألف نبيّ ، زاد ابن عباس من بني إسرائيل دون من أرسل من غيرهم ، ولم يكن بينهما فترة . والمعنى : الامتنان عليهم بإرسال الرسل على حين انطمست آثار الوحي ، وهم أحوج ما يكونون إليه ليعدوه أعظم نعمة من الله وفتح باب إلى الرحمة ، ويلزمهم الحجة فلا يعتلوا غداً بأنه لم يرسل إليهم من ينبههم من غلفتهم . وأن تقولوا : مفعول من أجله فقده البصريون : كراهة أو حذار أن تقولوا . وقدره الفراء : لئلا تقولوا . ويعني يوم القيامة على سبيل الاحتجاج .
( فَقَدْ جَاءكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ( قيل : وفي الكلام حذف أي : لا تعتدوا فقد جاءكم بشير ، أي لمن أطاع بالثواب ، ونذير لمن عصى بالعقاب . وفي هذا ردّ على اليهود حيث قالوا : ما أنزل الله من كتاب بعد موسى ولا أرسل بعده .
( وَاللَّهُ عَلَى كُلّ شَيْء قَدِيرٌ ( هذا عامّ فقيل على كل شيء من الهداية والضلال . وقيل : من البعثة وإمساكها . والأولى العموم فيندرج فيه ما ذكروا .
المائدة : ( 20 ) وإذ قال موسى . . . . .
( وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ قَوْمٌ اذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاء وَجَعَلَكُمْ مُّلُوكاً وَءاتَاكُمْ مَّا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مّن الْعَالَمِينَ ( مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى بين تمرّد أسلاف اليهود على موسى ، وعصيانهم إياه ، مع تذكيره إياهم نعم الله وتعداده لما هو العظيم منها ، وأن هؤلاء الذين هم بحضرة الرسول هم جارون معكم مجرى أسلافهم مع موسى . ونعمة الله يراد بها الجنس ، والمعنى : واذكر لهم يا محمد على جهة إعلامهم بغيب كتبهم ليتحققوا نبوّتك . وينتظم في ذلك ذكر نعم الله عليهم ، وتلقيهم تلك النعم بالكفر وقلة الطاعة . وعدّد عليهم من نعمه ثلاثاً : الأولى : جعل أنبياء فيهم وذلك أعظم الشرف ، إذ هم الوسائط بين الله وبين خلقه ، والمبلغون عن الله شرائعه . قيل : لم يبعث في أمّة ما بعث في بني إسرائيل من الأنبياء . وقال ابن السائب ومقاتل : الأنبياء هنا هم السبعون الذين اختارهم موسى لميقات ربه ، وكانوا من خيار قومه . وقيل : هم الذين أرسلوا من بعد في بني إسرائيل كموسى ذكره الماوردي وغيره ، وعلى هذا