كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 3)

" صفحة رقم 488 "
كفروا ( وجوزوا أن تكون في موضع الحال ، وليس بقوي ،
المائدة : ( 37 ) يريدون أن يخرجوا . . . . .
( يريدون أن يخرجوا من النار ( أي : يرجون ، أو يتمنون ، أو يكادون ، أو يسألون أقوال متقاربة من حيث المعنى الإرادة ممكنة في حقهم ، فلا ينبغي أن تخرج عن ظاهرها ، قال الحسن : إذا فارت بهم النار فروا من بأسها ، فحينئذ يريدون الخروج ويطعمون فيه ، وذلك قوله ) يريدون أن يخرجوا من النار ( ، وقيل لجابر بن عبد الله : إنكم يا أصحاب محمد تقولون : إن قوماً يخرجون من النار ، والله تعالى يقول ) وما هم بخارجين منها ( ، فقال جابر : إنما هذا في الكفار خاصة ، وحكى الطبري عن نافع بن الأزرق الخارجي : أنه قال لابن عباس : يا أعمى البصر ، يا أعمى القلب ، أتزعم أن قوماً يخرجون من النار ، وقد قال الله تعالى ) وما هم بخارجين منها ( فقال له ابن عباس : اقرأ ما فوق هذه الآية في الكفار ، وقال الزمخشري : وما يروى عن عكرمة ، أن نافع بن الأزرق قال لابن عباس ، وذكر الحكاية ، ثم قال : فما لفقته المجبرة ، وليس بأول تكاذيبهم وافترائهم ، وكفاك بما فيه من مواجهة ابن الأزرق لابن عم رسول الله - ( صلى الله عليه وسلم ) - وهو بين أظهر أعضاده من قريش ، وانضاده من بني عبد المطلب ، وهو حبر هذه الأمة وبحرها ، ومفسرها بالخطاب الذي لا يجسر على مثله أحد من أهل الدنيا ، وبرفعه إلى عكرمة دليلين ناصين أن الحديث فرية ، ما فيها مرية انتهى ، وهو على عادته وسفاهته في سب أهل السنة ، ومذهبه : أن من دخل النار لا يخرج منها ، وقرأ الجمهور ) أن يخرجوا ( مبنياً للفاعل ، ويناسبه ) وما هم بخارجين منها ( ، وقرأ النخعي وابن وثاب وأبو واقد ) أن يخرجوا ( مبنياً للمفعول ، و ) ولهم عذاب مقيم ( أي : متأبد لا يحول ،
المائدة : ( 38 ) والسارق والسارقة فاقطعوا . . . . .
( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ( قال السائب : نزلت في طعمه بن أبيرق ، ومضت قصته في النساء ، ومناسبتها لما قبلها ، أنه لما ذكر جزاء المحاربين بالعقوبات التي فيها قطع الأيدي والأرجل من خلاف ، ثم أمر بالتقوى لئلا يقع الإنسان في شيء من الحرابة ، ثم ذكر حال الكفار ، ذكر حكم السرقة ، لأن فيها قطع الأيدي بالقرآن والأرجل بالسنة ، على ما يأتي ذكره ، وهو أيضاً حرابة من حيث المعنى ، لأن فيه سعياً بالفساد ، إلا أن تلك تكون على سبيل الشوكة والظهور ، والسرقة على سبيل الاختفاء والتستر ، والظاهر وجوب القطع بمسمى السرقة ، وهو ظاهر النص ' يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الجمل فتقطع يده اليمنى ، سرق شيئاً ما قليلاً أو كثيراً قطعت يده ' ، وإلى هذا ذهب جماعة من الصحابة ومن التابعين ، منهم الحسن ، وهو مذهب الخوارج وداود ، وقال داود ومن وافقه : لا يقطع في سرقة حبة اليد عشرة دراهم فصاعداً ، أو قيمتها من غيرها ، روي ذلك عن ابن عباس وابن عمرو أيمن الحبشي وأبي جعفر وعطاء وإبراهيم ، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف وزفر ومحمد ، وقيل : ربع دينار فصاعداً ، وروي عن عمر وعثمان وعلي وعائشة وعمر بن عبد العزيز ، وهو قول الأوزاعي والليث والشافعي وأبي ثور ، وقيل : خمسة دراهم ، وهو قول أنس وعروة وسليمان بن يسار والزهري ، وقيل : أربعة دراهم ، وهو مروي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة ، وقيل : ثلاثة دراهم ، وهو قول ابن عمر ، وبه قال مالك وإسحاق وأحمد إلا إن كان ذهباً فلا تقطع إلا في ربع دينار ، وقيل : درهم فما فوقه ، وبه قال عثمان البتي ، وقطع عبد الله بن الزبير في درهم ، وللسرقة التي تقطع فيها اليد شروط ، ذكرت في الفقه ، وقرأ الجمهور ) والسارق والسارقة ( بالرفع ، وقرأ عبد الله ) والسارقون والسارقات فاقطعوا أيمانهم ( ، وقال

الصفحة 488