كتاب تفسير البحر المحيط - العلمية (اسم الجزء: 3)

" صفحة رقم 54 "
أربعة ، أبدل التاء هاء ، ثم نقل حركة همزة أربعة إليها ، وحذف الهمزة ، فأجرى الوصل مجرى الوقف في الإبدال . ولأجل الوصل نقل إذ لا يكون هذا النقل إلا في الوصل .
وقرىء شاذاً بثلاثة آلاف بتكسين التاء في الوصل ، أجراه مجرى الوقف . واختلفوا في هذه التاء الساكنة أهي بدل من الهاء التي يوقف عليها أم تاء التأنيث هي ؟ وهي التي يوقف عليها بالتاء كما هي ؟ وهي لغة .
وقرأ الجمهور منزلين بالتخفيف مبنياً للمفعول ، وابن عامر بالتشديد مبنياً للمفعول أيضاً ، والهمزة والتضعيف للتعدية فهما سيان . وقرأ ابن أبي عبلة : منزلين بتشديد الزاي وكسرها مبنياً للفاعل . وبعض القراء بتخفيفها وكسرها مبنياً للفاعل أيضاً ، والمعنى : ينزلون النصر .
آل عمران : ( 125 ) بلى إن تصبروا . . . . .
( إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُمْ مّن فَوْرِهِمْ هَاذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ ءالافٍ مّنَ الْمَلَئِكَةِ مُسَوّمِينَ ( رتب تعالى على مجموع الصبر والتقوى وإتيان العدد من فورهم إمداده تعالى المؤمنين بأكثر من العدد السابق وعلّقه على وجودها ، بحيث لا يتأخر نزول الملائكة عن تحليهم بثلاثة الأوصاف . ومعنى من فورهم : من سفرهم . هذا قاله ابن عباس . أو من وجههم هذا قاله : الحسن ، وقتادة ، والسدي . قيل : وهي لغة هذيل ، وقيس ، وغيلان ، وكنانة : أو من غصبهم هذا قاله : مجاهد ، وعكرمة ، والضحاك ، وأبو صالح مولى أم هانىء أو معناه في نهضتهم هذه قاله : ابن عطية . أو المعنى من ساعتهم هذه قاله الزمخشري .
ولفظة الفور تدل على السرعة والعجلة . تقول : افعل هذا على الفور ، لا على التراخي . ومنه الفور في الحج والوضوء . وفي إسناد الإمداد إلى لفظة ربكم دون غيره من أسماء الله إشعارٌ بحسن النظر لهم ، واللطف بهم .
وقرأ الصاحبان والأخوان مسوّمين بفتح الواو ، وأبو عمرو وابن كثير وعاصم : بكسرها . وقيل : من السوم ، وهي العلامة يكون على الشاة وغيرها ، يجعل عليها لون يخالف لونها لتعرف . وقيل : من السوم وهو ترك البهيمة ترعى . فعلى الأول روي أن الملائكة كانت بعمائم بيض ، إلا جبريل فبعمامة صفراء كالزبير قاله : ابن إسحاق ، والزجاج . وقيل : بعمائم صفر كالزبير قاله : عروة وعبد الله ابنا الزبير ، وعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ، والكلبي وزاد : مرخاة على أكتافهم . قيل : وكانوا على خيل بلق ، وكانت سيماهم قاله : قتادة ، والربيع . أو خيلهم مجزوزة النواصي والأذناب ، معلمتها بالصوف والعهن . قاله : مجاهد . فبفتح الواو ومعلمين ، وبكسرها معلمين أنفسهم أو خيلهم . ورجح الطبري قراءة الكسر ، بأنه عليه الصلاة والسلام قاله يوم بدر : ) سوّموا فإن الملائكة قد سوّمته ( وعلى القول الثاني : وهو السوم . فمعنى مسوِّمين بكسر الواو : وسوّموا خيلهم أي أعطوها من الجري والجولان للقتال ، ومنه سائمة الماشية . وأما بفتح الواو فيصح فيه هذا المعنى أيضاً ، قاله : المهدوي وابن فورك . أي سوّمهم الله تعالى ، بمعنى أنه جعلهم يجولون ويجرون للقتال . وقال أبو زيد : سوّم الرجل خيله أي أرسلها في الغارة . وحكى بعض البصريين : سوّم الرجل غلامه أرسله وخلى سبيله . ولهذا قال الأخفش : معنى مسوّمين مرسلين . وفي الآية دليل على جواز اتخاذ العلامة للقبائل والكتائب لتتميز كل قبيلة وكتيبة عند الحرب .
آل عمران : ( 126 ) وما جعله الله . . . . .
( وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ( الظاهر أن الهاء في جعله عائدة على المصدر والمفهوم من يمددكم وهو الإمداد . وجوّز أن يعود على التسويم ، أو على النصر ، أو على التنزيل ، أو على العدد ، أو على الوعد . وإلاّ بشرى مستثنى من المفعول له ، أي : ما جعله الله لشيء إلا بشرى لكم . فهو استثناء فرغ له العامل ، وبشرى مفعول من أجله . وشروط نصبه موجودة وهو :

الصفحة 54