كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

{وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ} وهو أعظمُ جبلٍ بمدْيَنَ يقالُ له: زبير؛ أي: لكنْ سأتجلَّى على الجبلِ الّذي هو أقوى منكَ وأشدُّ.
{فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ} لم يتزلزلْ.
{فَسَوْفَ تَرَانِي} أي: سوف تثبتُ رؤيتي وتُطيقُها، وقد علمَ تعالى أن الجبلَ لا يثبتُ عندَ التجلِّي، فلذلكَ علَّقَ الرؤيةَ على ثبُوته.
{فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ} أي: ظهرَ نورُ ربِّه.
{لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا} أي: مستويًا بالأرضِ. قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ: (دَكَّاءَ) بالمدِّ والهمزِ مفتوحًا؛ أي: كأرضٍ دَكَّاءَ، وقرأ الباقون: بالتنوينِ من غيرِ مَدٍّ ولا همزٍ، مصدرُ دَكَّه (¬1)، ومعناه التفسيرُ الأولُ.
{وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} مَغْشِيًّا عليه لهولِ ما رأى، رُوي أنّه خرَّ صَعِقًا يومَ الخميسِ يومَ عرفةَ، وأُعْطِيَ التوراةَ يومَ الجمعة يومَ النَّحر.
{فَلَمَّا أَفَاقَ} من غشوتِهِ {قَالَ سُبْحَانَكَ} تنزيهًا لكَ عن الإدراكِ.
{تُبْتُ إِلَيْكَ} عن سؤالِ الرؤيةِ {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ} من بني إسرائيل، وقيل: أولُ المؤمنينَ بأنك لا تُرى في الدنيا. قرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ: (وَأَنا أَوَّلُ) بالمدِّ، والباقون: بغير مد (¬2).
* * *
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 293)، و"التيسير" للداني (ص: 113)، و"تفسير البغوي" (2/ 148)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 400).
(¬2) انظر: "التيسير" للداني (ص: 82)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 230)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 400).

الصفحة 32