كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

{أَمْرَ رَبِّكُمْ} وهو انتظارُ موسى ليأتِيَهم بالتوراة بعدَ أربعينَ ليلةً، وأصلُ العجلةِ: طلبُ الشيءِ قبلَ حينه.
{وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ} الّتي فيها التوراةُ غَضَبًا لدينِه، وكان حاملًا لها، فتكَسَّرَتْ، فرفعَ ستةَ أسباعِ التوراةِ، وبقي سُبْعُها، وهو ما فيه الموعظةُ والأحكامُ، ورفعَ ما كانَ من أخبارِ الغيبِ.
{وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ} أي: بشعرِ رأسِه ولحيتِه {يَجُرُّهُ إِلَيْهِ} غَضبًا عليه؛ كيفَ مَكَّنَهم من عبادةِ العجلِ، وكانَ هارونُ أكبرَ من موسى بثلاثِ سنينَ، وأحبَّ إلى بني إسرائيل؛ لرقَّتِه لهم.
{قَالَ} هارونُ عندَ ذلكَ: {ابْنَ أُمَّ} قرأ ابنُ عامرٍ، وحمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ، وأبو بكرٍ عن عاصم: (ابْنَ أُمِّ) بكسرِ الميم؛ أي: يا بن أمي، فحذفت الياء بالإضافة، وبقيتِ الكسرة لتدلَّ على الإضافة؛ كقوله: (يَا عِبَادِ)، وقرأ الباقون: بالفتح؛ أي: يا بنَ أماهُ (¬1)، وذَكَرَ الأُمَّ ليرقِّقَهُ عليه، وكانا من أبٍ وأمٍّ.
{إِنَّ الْقَوْمَ} يعني: عبدةَ العجل.
{اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا} هَمُّوا أن.
{يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ} تُفرِحْ {بِيَ الْأَعْدَاءَ} بإهانتِكَ إيايَ.
{وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين} بعبادةِ العجلِ؛ أي: قرينًا لهم.
* * *
¬__________
(¬1) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 295)، و"التيسير" للداني (ص: 113)، و "تفسير البغوي" (2/ 154)، و"الأمالي" لابن الشجري (2/ 75)، و"معجم القراءات القرآنية" (2/ 406).

الصفحة 39