كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)
[76] {فَبَدَأَ} المفتشُ، وقيل: يوسفُ؛ لأنهم رُدُّوا إلى مصر {بِأَوْعِيَتِهِمْ} لإزالةِ التهمَةِ {قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ} بنيامينَ، فلم يجدْ شيئًا.
{ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا} أي: السرقةَ {مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} واختلافُ القراء في حكمِ الهمزتينِ من قوله: (وَعَاءِ أَخِيهِ) كاختلافِهم فيهما من (خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ) في سورة البقرة [الآية: 235].
{كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} أي: علَّمناهُ، وأوحينا إليه.
{مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ} أي: لم يكنْ له أخذُ أخيه {فِي دِينِ الْمَلِكِ} أي: حكمِ ملكِ مصرَ، وهو أن يغرمَ السارقُ مثلَيْ ما أَخَذَ، ويُضربَ، لا أن يُستعبَدَ، فأجرى اللهُ على ألسنةِ إخوتِه حكمَ دينهم؛ ليصحَّ أخذُه منهم.
{إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} الاستثناءُ في هذه الآية حكايةُ حالٍ التقديرُ: إلا أن يشاءَ اللهُ ما وقعَ من هذهِ الحيلةِ.
{نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ} بالعلمِ والعملِ؛ كيوسف. قراءة العامةِ: (نَرْفَعُ) و (نَشَاءُ) بالنون فيهما، وأهلُ الكوفةِ ينونون (دَرَجَاتٍ)، وقرأ يعقوبُ: (يَرْفَعُ) و (يَشَاءُ) بالياء فيِهما (¬1).
{وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ} من الخلقِ.
{عَلِيمٌ} واللهُ فوقَ كلِّ عالم، ولا يناسُبه أحدٌ في علمِه.
...
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير البغوي" (2/ 482)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 260)، و"معجم القراءات القرآنية" (3/ 184 - 185).
الصفحة 447