كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

وَمُدَبِّرُهَا، فإن لم يعترفوا، فأنت {قُلِ اللَّهُ} رَبُّ، هما وإن اعترفوا.
{قُلْ} أنتَ إلزامًا لهم: {أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ} أي: دونِ اللهِ.
{أَوْلِيَاءَ} أصنامًا.
{لَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا} ومَنْ لا يملكُ لنفسِه شيئًا، فلا يملكُ لغيرِه، ومن هو كذلكَ، فكيف يُعْبَدُ ويُتَّخَذُ وَلِيًّا. قرأ ابنُ كثيرٍ، وحفصٌ عن عاصمٍ، ورُويسٌ عن يعقوبَ: (أَفَتَّخَذْتُمْ) بإظهارِ الذالِ عندَ التاء، والباقون: بالإدغام (¬1)، ثم ضربَ لهم مثلًا فقال:
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ} يعني: الكافرُ والمؤمنُ {أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ} يعني: الكفرُ والإيمانُ. قرأ حمزةُ، والكسائيُّ، وخلفٌ، وأبو بكرٍ عن عاصمٍ (أَمْ هَلْ يَسْتَوِي) بالياءِ على التذكير؛ لأنه تأنيثٌ غيرُ حقيقيٍّ، والفعلُ مقدَّمٌ، وقرأ الياقون: بالتاء على التأنيث (¬2)؛ لأنه مؤنَّثٌ لم يفصلْ بينَه وبينَ فاعلِه شيءٌ، ثم استفهمَ مُنْكِرًا مُعَجِّبًا منهم فقالَ:
{أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ} المعنى: لم يَتَّخِذوا آلهةً يخلقونَ شيئًا فيشتبهُ خلقُهم بخلقِ اللهِ تعالى.
{قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} بلا شريكٍ، فيعبَدُ بلا شركةٍ.
{وَهُوَ الْوَاحِدُ} المتوحِّدُ بالألوهيةِ {الْقَهَّارُ} الغالبُ على كلِّ شيءٍ.
...
¬__________
(¬1) انظر: "الغيث" للصفاقسي (ص: 264)، و"إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 270)، و"معجم القراءات القرآنية" (3/ 213).
(¬2) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: 358)، و"التيسير" للداني (ص: 133)، و"تفسير البغوي" (2/ 522)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (2/ 297)، و "معجم القراءات القرآنية" (3/ 214).

الصفحة 486