كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)
عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: "ثَلاَثةٌ تَحْتَ الْعَرْشِ يومَ الْقِيَامَةِ: الْقُرْآنُ يُحَاجُّ الْعِبادَ لَهُ ظَهْر وَبَطْن، وَالأَمَانَةُ، وَالرَّحِمُ تنادِي: أَلاَ مَنْ وَصَلَنِي وَصَلَهُ اللهُ، وَمَنْ قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللهُ" (¬1).
{وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} سِرًّا وعلانيةً.
{وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ} وهو عدمُ المسامحةِ فيه.
...
{وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22)}.
[22] {وَالَّذِينَ صَبَرُوا} على المكارِهِ {ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ} لا غيرُ {وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ} المفروضةَ {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} في مواساةِ المحتاجِ.
{سِرًّا} هو ما يُنْفَق تَطَوُّعًا {وَعَلَانِيَةً} هي الزكاةُ المفروضةُ.
{وَيَدْرَءُونَ} يدفعون {بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ} فيجازونَ الإساءةَ بالإحسانِ، وهذا بخلافِ خُلُقِ الجاهليَّةِ، رُويَ أنها نزلَتْ في الأنصارِ، ثم هي عامَّةٌ بعدَ ذلكَ في كلِّ مَنِ اتصفَ بهذهِ الصفة {أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} عاقبةُ الدنيا، وهي الجنةُ.
...
{جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23)}.
¬__________
(¬1) رواه الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (2/ 187)، عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-.
الصفحة 490