كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

{وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (167)}.

[167] {وَإِذْ تَأَذَّنَ} أعلمَ.
{رَبُّكَ}. قرأ أبو عمرٍو: {تَأَذَّنَ رَبُّكَ} بإدغامِ النونِ في الراء (¬1)، المعنى: وإذ أوجبَ وحكمَ رَبُّكَ.
{لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ} ليرسلَنَّ على اليهودِ.
{إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ} يُذيقُهم {سُوءَ الْعَذَابِ} فبعثَ الله عليهم بعدَ سليمانَ -عليه السّلام- بُخْتَ نَصَّرَ، فخرَّبَ ديارَهم، وقتلهم، وسبى نساءهم وذراريَّهم، وضربَ الجزيةَ على مَنْ بقيَ منهم، وكانوا يؤدُّونَ الجزيةَ إلى المجوسِ إلى بعثِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، فضربَها عليهم إلى يوم القيامة.
{إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ} عاقبَهم في الدنيا.
{وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} لمن تابَ وآمنَ.
* * *
{وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (168)}.

[168] {وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَمًا} فِرَقًا، حالٌ.
{مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ} المؤمنونَ بمحمدٍ - صلى الله عليه وسلم -.
{وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ} أي: مُنْحَطُّون عن رتبةِ الصالحينَ، وهم الكفرةُ.
¬__________
(¬1) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: 232)، و"معجم القراءات القرآنية" (1/ 420).

الصفحة 53