كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182)}.

[182] {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ} سنأخذُهم قليلًا قليلًا كما يترقى الدرجة درجةً درجةً.
{مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} ما نريدُ بهم.
* * *
{وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)}.

[183] {وَأُمْلِي لَهُمْ} أطيلُ المدَّةَ.
{إِنَّ كَيْدِي} أَخْذي.
{مَتِينٌ} شديدٌ، وسمي كيدًا؛ لأنَّ ظاهرَه إحسانٌ، وباطنه خِذْلانٌ.
* * *
{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (184)}.

[184] رُوي أنّه - صلى الله عليه وسلم - قامَ على الصفا ليلًا يدعو قريشًا فَخذًا فَخذًا يحذِّرُهم وقائعَ الله تعالى، فقالَ قائلُهم: إنّه مجنونٌ باتَ يصوِّتُ على الصَّفا إلى الصباح، فنزل:
{أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا} (¬1) أبِصاحِبهم جنونٌ أم لا؟ ثمّ نفى عنه الجنونَ بقوله:
{مَا بِصَاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ} أي: جنون.
{إِنْ هُوَ} أي: ما هو.
{إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ} واضحٌ إنذارُه.
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير ابن أبي حاتم" (5/ 1624)، و"تخريج أحاديث الكشاف" للزيلعي (1/ 475)، و"الدر المنثور" للسيوطي (3/ 618).

الصفحة 67