كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (185)}.

[185] ثمّ وَبَّخَهم على تركِ النظرِ المؤدِّي إلى العلمِ فقالَ:
{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ} أي: مُلْكِ.
{السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} أي: ما فيهما من الصُّنع.
{وَمَا} أي: وفي ما.
{خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ} فيعلموا صدقَه.
{وَأَنْ} أي: وأنّه.
{عَسَى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ} فيموتوا قبلَ الإيمان.
{فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ} أي: بعدَ القرآن.
{يُؤْمِنُونَ} إنْ لم يؤمنوا به؟! فإنّه ليسَ بعدَه كتابٌ، ولا بعدَ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - نبيٌّ.
* * *
{مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ (186)}.

[186] ثمّ ذكرَ علةَ إعراضهم عن الإيمانِ فقالَ:
{مَنْ يُضْلِلِ} أي: يُضْلِلْهُ.
{الله فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ} قرأ أبو عمرٍو، وعاصم، ويعقوبُ (وَيَذَرُهُمْ) بالياء، ورفع الراء على الاستئناف؛ أي: واللهُ يذرُهم، وقرأ نافعٌ، وأبو جعفرٍ، وابنُ كثيرٍ، وابنُ عامرٍ: بالنون والرفعِ، أي: ونحنُ

الصفحة 68