كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن (اسم الجزء: 3)

{هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)}.

[189] {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} يعني آدمَ.
{وَجَعَلَ} أي: خلقَ.
{منها زَوْجَهَا} حواءَ {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} ليأنسَ بها.
{فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} علاها بالنِّكاحِ {حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا} لم يثقلْ عليها، وهي النطفةُ {فَمَرَّتْ بِهِ} استمرَّتْ إلى وقتِ ميلاده.
{فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} أي: كبرَ الولدُ وأثقلَها حملُها وقاربت الوضعَ.
{دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} آدمُ وحواءُ.
{لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا} بشرًا سويًّا قد صلحَ بدنُه.
{لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لكَ على هذه النعمةِ، ودلت الآيةُ على أن الحملَ مرضٌ من الأمراضِ؛ لقوله: {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا} ولأجل عظمِ الأمرِ وشدةِ الخطْبِ جُعِلَ موتُها شهادةً كما وردَ في الحديث.
واختلف الأئمةُ في حكمِ الحاملِ، فقال مالك: إذا مضت لها ستةُ أشهرٍ من يومِ حملَتْ، صارتْ في حكمِ المريضِ في أفعالِه، لم ينفذ لها تصرفٌ في مالها بأكثرَ من الثلثِ، وقال الثّلاثة: إنّما يكونُ ذلكَ عندَ المخاضِ، واختارَ الخرقيُّ من أصحابِ أحمدَ: ما قاله مالكٌ.
* * *

الصفحة 72