كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 3)

الدال مع الخاء
في حديث ابن صياد: "هُوَ الدُّخّ" (¬1) قيل: هو لغة في الدخان، ويقال: بفتح الدال أيضًا، وأنشدوا في ذلك:
عند رِوَاق البيت يغَشْى الدُّخَّا (¬2)
أراد ابن صياد أن يقول: الدخان، فزجره النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يستطع أن يتم الكلمة. وقيل: هو نبات يوجد بين النخيل، ورجح هذا الخطابي وقال: لا معنى للدخان هاهنا؛ إذ ليس مما يخبأ إلاَّ أن يريد خبأت بمعنى: أضمرت (¬3).
¬__________
(¬1) البخاري (1354)، مسلم (2930) من حديث ابن عمر. وورد في هامش (د): وكونه أراد أن يقول: الدخان فلم يستطع - قد جاء في "مسند أحمد" من حديث أبي ذر، قال في أثنائه: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إني قد خبأت لك" قال: "خبأت لي خطم شاة عفراء والدخان" فقال: فأراد أن يقول: الدخان فلم يستطع فقال: "الدخ" فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اخسأ فلن تعدو قدرك" فهذا هو المختار في تفسير: (الدخ) والله أعلم. اهـ قلت: الحديث في "مسند أحمد" 5/ 148، وفي إسناده: الحارث بن حصيرة، قال العقيلي فيه: له غير حديث منكر لا يتابع عليه، منها حديث أبي ذر في ابن صياد. وقال الحافظ: صدوق يخطئ، ورمي بالرفض. "الضعفاء الكبير" 1/ 216 (264)، "تهذيب التهذيب" 1/ 328، "التقريب" (1018).
(¬2) انظر "مجالس ثعلب" 2/ 383، وفيه أن صدر البيت: (وكان أكْلًا قاعدًا وشَخَّا).
(¬3) في هذا النقل عن الخطابي نظر؛ فالذي في كتبه: الدخ: الدخان. ثم ذكر نفس الشاهد كما عند المصنف؛ فضلاً عن أنه لم يذكر ما قيل أنه رجحه! انظر: "غريب الحديث" 1/ 635، و"معالم السنن" 4/ 322، و"أعلام الحديث" 1/ 708؛ وزاد في "الأعلام": وقد زعم بعضهم أنه أراد أن يقول: الدخان، فزجره النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يستطع أن يخرج الكلمة تامة. اهـ قلت: وعلى هذا فكأن الخطابي يستنكر الزجر؛ باعتبار أنه معروف كون الدخ هو الدخان، والله أعلم.

الصفحة 17