كتاب مطالع الأنوار على صحاح الآثار (اسم الجزء: 3)

قال أبو الفضل: والأليق أنه الدخان كما قد روي أنه أضمر له من سورة الدخان: {يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ} [الدخان: 10]، فلم يهتد من الآية إلَّا لهذين الحرفين من كلمة ناقصة لم يتمها على عادة الكهان من اختطاف بعض الكلمات من أوليائهم من الجن، أو من هواجس النفس، ولهذا قال له - عليه السلام -: "اخْسَأْ، فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَكَ" أي: أبعد كاهنًا (¬1) متخرصًا فلن تعدو قدر إدراك الكهان مما لا يصل إلا حقيقة البيان والإيضاح.
وقوله: "فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ" (¬2) أصله من حرف الذال المعجمة، فلما أدغمت في تاء افتعل انقلبت دالاً، ومعناه: أقتنيه لنفسي وأستأثر به دونكم.
قوله: "وَكَانَ لَنَا جَارًا وَدَخِيلًا" (¬3) أي: مداخلًا ومخالطًا خاصًّا، وداخلة الإزار (¬4): هو الطرف الذي يلي جسد المؤتزر. وقيل: كُني به عن موضعه من البدن، وقيل: مذاكيره، وقيل: وركه.
قوله: "فَلْيَنْفُضْهُ بِدَاخِلَةِ إِزَارِهِ" (¬5) أي: بطرقه.
¬__________
(¬1) في (س): (هاهنا)، وغير موجود في باقي النسخ، والصواب ما أثبت، وهو ما في "المشارق" 2/ 205.
(¬2) "الموطأ" 2/ 997، والبخاري (1469)، ومسلم (1035) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(¬3) البخاري (175)، مسلم (1929/ 5) من حديث عدي بن حاتم، واللفظ لمسلم.
(¬4) "الموطأ" 2/ 939 عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، والبخاري (6320)، ومسلم (2714) من حديث أبي هريرة، بلفظ: "دَاخِلَة إِزَارِهِ".
(¬5) البخاري (6320)، مسلم (2714) من حديث أبي هريرة.

الصفحة 18