قال القاضي: ويقال: إن معناه: أمكنتم من أنفسكم، وأصل الكذب عند هذا الإمكان؛ لأن الكاذب يمكن من نفسه (¬1).
قلت: وهذا ضعيف؛ بل الكذب خلاف الحق والصدق، والصدق: الثبوت على الشيء والصلابة فيه (¬2)، يقال: فلان صدق اللقاء (¬3) وحمل فصدق، أي: ثبت، ورمح صدق، أي: صلب ثابت عند الطعن، فقيل لمن قال غير الحق: كاذب؛ لعدم ثبوت قوله. وقيل لمن حمل ثم كَعَّ: كذب في حملته ولم يصدق، أي: ولم يثبت.
وقول إبراهيم عليه السلام في امرأته: "أُخْتِى" (¬4) يريد في الإسلام، كما جاء في الحديث: "لَيْسَ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ" (¬5).
الاختلاف
قوله: "كذَاكَ مُنَاشَدَتَكَ رَبَّكَ" (¬6) كذا لهم، وعند العذري (¬7): "كَفَاكَ" وهما بمعنًى واحد. قال القتيبي: معناه: حسبك (¬8)، وقد جاء في البخاري بهذا اللفظ (¬9)، وشبيه به قولهم: "إِلَيْكَ - تَنَحَّ - عَنِّي" (¬10)، وينشد:
¬__________
(¬1) "المشارق" 2/ 421.
(¬2) ساقطة من (س).
(¬3) من (ظ).
(¬4) البخاري (3358)، مسلم (2371).
(¬5) السابق.
(¬6) مسلم (1763) من حديث ابن عباس، وهو قول أبي بكر للنبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر.
(¬7) في النسخ الخطية: (الحموي).
(¬8) "غريب الحديث" 1/ 298.
(¬9) البخاري (2915، 3953، 4875، 4877) من حديث ابن عباس.
(¬10) البخاري (1283)، مسلم (1799) من حديث أنس.